كتاب مرويات غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع

المسلمون معزّزي الجانب، وعرفت هذه الغزوة بغزوة ذا الرقاع1.
وهكذا جنّد المسلمون أنفسهم عسكرياً وسياسياً، ليثبتوا للقبائل بأنهم مخطئون في تصوّرهم أن المسلمين بعد معركة (أحد) لا يستطيعون مقاومة من يريد النيل منهم، فجهزّوا تلك السرايا والغزوات ليشعروا عدوهم بأنهم قادرون على سحق كل من تحدّثه نفسه بالاعتداء عليهم، أو محاولة النيل منهم، فكانت حركاتهم العسكرية ناجحة، أنزلوا فيها بالأعداء ضربات زلزلت معنوياتهم، وجعلتهم يصحّحون تصوّراتهم الخاطئة، عن مدى قوة المسلمين العسكرية، وترابطهم السياسي والمعنوي، وخاصة المعسكر القرشي واليهودي2.
وبعد هذا كله جاء دور بين المصطلق؛ إذ إنها كانت ضمن كتلة الأحابيش3 التي انضمت إلى جانب قريش في معركة أحد، ثم أخذت بعد رجوعها من معركة أحد تعد العدة وتجمع الجموع، وتفتني السلاح والخيل، على مدى سنتين، كان المسلمون خلال تلك الفترة يواجهون تحركّات قبائل الجزيرة، فهم ما بين سرية وغزوة.
فانتهزت قبيلة بني المصطلق فرصة انشغال المسلمين ببقية القبائل، فأخذت تجمع الجموع، وتسعى في القبائل المجاورة لها، تحرّضها وتشجّعها على الانضمام معها في الهجوم على دولة الإسلام.
ولما وصل خبرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدّر للموقف قدره، وجعل يفكّر في مواجهة هذه القبيلة التي استعدت للمعركة استعداداً كاملاً، فبدأ بمراقبة حركات هذا العدو مراقبة شديدة، ثم أمر بريدة4 بن الحصيب بالذهاب إليهم ليعرف وجهتهم وقوّتهم، فخرج مسرعاً
__________
1 كانت هذه الغزوة في السنة الرابعة في جمادى الأولى على رأي بعض العلماء.
انظر: سيرة ابن هشام 2/203، وزاد المعاد 2/123، وانظر: الخلاف في وقتها في مبحث التيمّم. انظر ص 343 وما بعدها.
2 غزوة الأحزاب لباشميل ص 20.
3 انظر: ص.
4 بريدة بن الحصيب بمهملتين مصغّراً، أبو سهل الأسلمي صحابي، أسلم قبل بدر (ت 63هـ) / ع. التقريب 1/96.

الصفحة 70