كتاب القواعد في توحيد العبادة (اسم الجزء: 2)

ويقول -رحمه الله - أيضًا: "لكن أول الدين وآخره، وظاهره وباطنه هو التوحيد وإخلاص الدين كله لله هو تحقيق قول لا إله إلا الله، فإن المسلمين وإن اشتركوا في الإقرار بها فهم متفاضلون في تحقيقها تفاضلًا لا نقدر أن نضبطه" (¬١).
ويقول أيضًا: "وإنما يتفاوت أهل العلم والإيمان بحسب تفاوتهم في تحقيق التوحيد كما قد بسط في موضعه" (¬٢).
ويقول الشيخ حمد بن ناصر وأبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله -: "إذا تمهَّدت هذه القاعدة، تبين لك أن الناس يتفاضلون في التوحيد تفاضلًا عظيمًا، ويكونون فيه على درجات بعضها أعلى من بعض؛ فمنهم من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، كما دلت عليه النصوص الصريحة الصحيحة، ومنهم من يدخل النار وهم العصاة، ويمكثون فيها على قدر ذنوبهم، ثم يخرجون منها لأجل ما في قلوبهم من التوحيد والإيمان" (¬٣).
ويقول الشيخ حافظ الحكمي: "والمقصود بيان أن الناس متفاوتون في الدين بتفاوت الإيمان في قلوبهم، متفاضلون فيه بحسب ذلك، فأفضلهم وأعلاهم أولو العزم من الرسل، وأدناهم المخلطون من أهل التوحيد، وبَيْنَ ذلك مراتب ودرجات لا يحيط بها إلا الله - عز وجل - الذي خلقهم ورزقهم" (¬٤).
كما دلت القاعدة على أن تحقيق التوحيد يتضمن ثلاثة أمور:
الأول: تثبيت أصل التوحيد، بإفراده -سبحانه وتعالى- بجميع ما يختص به؛ في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، فيعتقد بأنه لا خالق ولا نافع ولا ضار
---------------
(¬١) مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٦٤).
(¬٢) الصفدية (٢/ ٣٤٠).
(¬٣) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (١/ ٢٠٧).
(¬٤) معارج القبول (٣/ ١٠١٥).

الصفحة 641