كتاب القواعد في توحيد العبادة (اسم الجزء: 2)

إلا الله، وأنه لا يستقل شيء من دونه بإحداث أمر من الأمور، بل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ويعلم أن لله حقًا لا يشركه فيه مخلوق؛ كاستحقاق العبادة والإلهية، وذلك يستلزم اتصاف المعبود بجميع صفات الكمال، وتنزهه عن النقص من كل وجه.
يقول شيخ الإسلام: "فالله تعالى مستحق أن يعبد لا يشرك به شيء، وهذا هو أصل التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأنزلت به الكتب" (¬١).
ويقول الإمام ابن القيم: "وأما إثبات صفات الكمال: فهو أصل التوحيد" (¬٢).
والمقصود أن تحقيق أصل التوحيد لا يتم إلا بتحقيق أنواع التوحيد الثلاثة إذ لا ينفك بعضها عن بعض، والبعد عن كل ناقض يُضاد هذه الأنواع الثلاثة، ويبطل أصلها.
يقول الإمام ابن تيمية: "فتعين أن الأمر كله عائد إلى تحقيق التوحيد، وأنه لا ينفع أحد ولا يضر إلا بإذن الله، وأنه لا يجوز أن يعبد أحد غير الله، ولا يستعان به من دون الله، وأنه يوم القيامة يظهر لجميع الخلق أن الأمر كله لله، ويتبرأ كل مدع من دعواه الباطلة" (¬٣).
ويقول - رحمه الله - "ومن تحقيق التوحيد أن يعلم أن الله أثبت له حقًا لا يشركه فيه مخلوق؛ كالعبادة، والتوكل، والخوف، والخشية، والتقوى كما قال تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (٢٢)} [الإسراء: ٢٢] (¬٤).
ويقول الشيخ مرعي الكرمي: "وإنما التوحيد الذي أمر الله به العباد هو توحيد الألوهية المتضمن لتوحيد الربوبية؛ بأن يعتقد إثبات الله،
---------------
(¬١) اقتضاء الصراط المستقيم (ص ٤٤٦).
(¬٢) إغاثة اللهفان (٢/ ٢٣٣).
(¬٣) مجموع الفتاوى (١/ ١١٩).
(¬٤) المصدر نفسه (٣/ ١٠٦).

الصفحة 642