كتاب القواعد في توحيد العبادة (اسم الجزء: 2)

ويقول الألوسي مبينًا كون صفات الربوبية هي الدليل الأكبر على توحيد العبادة: "أما الأول الذي هو قصر الخالقية فيه تعالى؛ فلأن مقتضى قصر الألوهية عليه تعالى قصرًا حقيقيًا هو أن الله - عز وجل - هو الذي يستحق أن يعبده كل مخلوق؛ فهو النافع الضار على الإطلاق، - سبحانه وتعالى - الخالق لكل شيء، فإن كل من لا يكون خالقًا لكل شيء لا يكون نافعًا ضارًا على الإطلاق، وكل من لا يكون كذلك لا يستحق أن يعبده كل مخلوق؛ لأن العبادة هي الطاعة، والانقياد، والخضوع، ومن لا يملك نفعًا ولا ضرًّا بالنسبة إلى بعض المخلوقين لا يستحق أن يعبده ذلك البعض، ويطيعه، وينقاد له؛ فإن من لا يقدر على إيصال نفع إلى شخص، أو دفع ضر عنه، لا يرجوه، ومن لا يقدر على إيصال ضر إليه، لا يخافه، وكل من لا يخاف ولا يرجى أصلًا لا يستحق أن يعبد، وهو ظاهر؛ لكن الذي يقتضيه قصر الألوهية عليه تعالى قصرًا حقيقيًا هو أن الله تعالى: هو الذي يستحق أن يعبده كل مخلوق، فهو النافع الضار" (¬١).
ويقول العلامة محمد بشير السهسواني الهندي (¬٢): "الإقرار بتوحيد الربوبية مع لحاظ قضية بديهية وهي أن غير الرب لا يستحق العبادة، يقتضي الإقرار بتوحيد الألوهية عند من له عقل سليم، وفهم مستقيم، فيكون الإقرار المذكور حجة عليهم، كما احتج الله تعالى على المشركين بتوحيد الرازق، ومالك السمع والأبصار، والمحيي والمميت، ومدبر الأمر، ومن له الأرض ومن فيها، ورب السماوات السبع ورب العرش
---------------
(¬١) روح المعاني (٢٦/ ٥٩).
(¬٢) هو: محمد بشير بن محمد بدر الدين السهسواني الهندي: عالم بالحديث والفقه، من أهل الهند، مولده في لكهنؤ، سنة ١٢٥٠ هـ، ونسبته إلى سهسوان، من ولاية (بدايون)، تعلم في دهلي، وتولى رئاسة المدارس الدينية في بهوبال نحو ٢٥ عامًا، ثم عاد إلى دهلي فتوفي بها، من أشهر كتبه: صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان، والحق الصريح في إثبات حياة المسيح، وغيرها، توفي سنة ١٣٢٦ هـ. [انظر: الأعلام للزركلي (٦/ ٥٣)].

الصفحة 671