كتاب القواعد في توحيد العبادة (اسم الجزء: 2)

ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستقامة عليه واتباعه، ومن تلك النصوص:
قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢)} [هود: ١١٢]، وقوله سبحانه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨)} [الجاثية: ١٨]، وقال عن نبيه - عليه السلام -: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩)} [الأحقاف: ٩]، وقوله تعالى: {وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣)} [الأنعام: ١٦٣].
وكلمة الاستقامة كلمة جامعة في كل ما يتعلق بالعقائد والأقوال والأعمال؛ سواء كان مختصًا به، أو كان متعلقًا بتبليغ الوحي وبيان الشرائع (¬١).
فيدخل في ذلك: جميع ما أمره به، وجميع ما نهاه عنه؛ لأنه قد أمره بتجنب ما نهاه عنه، كما أمره بفعل ما تعبده بفعله (¬٢).
والواجب على الخلق كلهم اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلا يعبدون إلا الله، ويعبدونه بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- لا بغيرها (¬٣).
يقول الإمام ابن القيم في معنى الآية: "فقسم الأمر بين الشريعة التي جعله هو سبحانه عليها، وأوحى إليه العمل بها، وأمر الأمة بها، وبين اتباع أهواء الذين لا يعلمون؛ فأمر بالأول، ونهى عن الثاني" (¬٤).
ويقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في قوله تعالى: {وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ}: "أمرني ربي -سبحانه وتعالى-، فدل على أن العبادات توقيفية، لا يصلح منها شيء إلا بأمر الله -سبحانه وتعالى-" (¬٥).
ثانيًا: حديث عائشة -رضى الله عنها- قالت: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَحْدَثَ
---------------
(¬١) انظر: التفسير الكبير (١٨/ ٥٧)، ومجموع الفتاوى (٢٠/ ١١٢).
(¬٢) انظر: فتح القدير للشوكاني (٢/ ٥٢٩).
(¬٣) انظر: مجموع الفتاوى (١١/ ٥٢٣).
(¬٤) إعلام الموقعين عن رب العالمين (١/ ٤٧).
(¬٥) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (١/ ١٦٦).

الصفحة 688