كتاب القواعد في توحيد العبادة (اسم الجزء: 2)

في كل المواطن، وإنما يتبع في ذلك كله ما وردت به الشريعة في مواضعها. وكذلك من تقرب بعبادة نهي عنها بخصوصها؛ كمن صام يوم العيد، أو صلى وقت النهي، وأما من عمل عملًا أصله مشروع وقربة ثم أدخل فيه ما ليس بمشروع، أو أخل فيه بمشروع فهذا أيضًا مخالف للشريعة بقدر إخلاله بما أخل به، أو إدخال ما أدخل فيه ... ، وإن كان قد زاد في العمل المشروع ما ليس بمشروع فزيادته مردودة عليه؛ بمعنى أنها لا تكون قربة ولا يثاب عليها" (¬١).
ثالثًا: تضمنت القاعدة أن الأذكار الشرعية، والأوراد والأدعية مبنية على التوقيف، فلا يجوز أن يزاد عليها، ولا أن ينقص منها شيئًا، بل الواجب المحافظة عليها كما علمها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه من بعده.
يقول الإمام النووي -رحمه الله-: "فإن ألفاظ الأذكار يحافظ فيها على الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" (¬٢).
ويقول الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: "لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أقل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان، ولا يحيط به إنسان" (¬٣).
ومن أصرح الأدلة الدالة على المنع من تغيير ألفاظ الأذكار النبوية ما جاء عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل اللَّهُمَّ أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك،
---------------
(¬١) جامع العلوم والحكم (ص ٦٠).
(¬٢) المجموع للنووي (٣/ ٤٥٩).
(¬٣) مجموع الفتاوى (٢٢/ ٥١٠ - ٥١١).

الصفحة 696