كتاب القواعد في توحيد العبادة (اسم الجزء: 2)

الفعل المبتدأ المجرد" (¬١).
وقال بعد ذلك في معنى هذه الأقسام: "إن الفعل الجبلي والعادي والدنيوي لا قدوة فيها، ولا تدل على أكثر من الإباحة، والفعل المعجز والخاص كذلك لا قدوة فيهما، لما فيهما من معنى الاختصاص به -صلى الله عليه وسلم-، والفعل البياني والامتثالي يقتدى بهما، والمؤقت لانتظار الوحي لا قدوة فيه إذا جاء الوحي بخلافه، والمجرد فيه تفصيل، يعلم في موضعه" (¬٢).
والقاعدة نصت على أن المرجع في اعتبار كون الفعل الصادر من النبي -صلى الله عليه وسلم- عبادة هو تضمنه لقصد التعبد، فما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- على وجه العبادة والتقرب إلى الله تعالى كان في حق الأمة كذلك، وما فعله بحكم الجبلة والعادة الدنيوية ولم يقصد به تعبدًا ولا تشريعًا للأمة فلا يدخل في حكم العبادة.
ويدخل في ذلك النية والقصد في صفة العبادة كذلك؛ فما فعله بقصد الوجوب كان فعله في حق أمته على أنه واجب، وما فعله بقصد الندب كان فعله على جهة الندب، وما تركه تعبدًا كان تركه في حق الأمة عبادة، وما تركه لحرمته تعين على الأمة تركه على اعتبار حرمته، وهكذا ما تركه كراهة وتنزهًا. وأما ما تركه جبلة وطبعًا فليس داخلًا في باب التأسي والمتابعة كما سبق بيانه.
والحاصل أن التعبد لله تعالى بمتابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- والتأسي به في فعله وتركه موقوف على نيته وقصده -عليه السلام- من الفعل.
---------------
(¬١) أفعال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ودلالتها على الأحكام الشرعية، لمحمد سليمان الأشقر (١/ ٢١٦).
(¬٢) المرجع نفسه (١/ ٢١٦).

الصفحة 707