كتاب جهد المحتفي في أمر العالم المختفي

المقدمة
في ليلة الاثنين 19/ 5/ 1423 هـ كنت في زيارة لأحد الأصدقاء، وشاهدت مقابلة في قناة الجزيرة، مع الدكتور/ جمال أبو غسان، عضو هيئة التدريس بجامعة الزرقاء الأهلية، وقد أعلن عبرها إنكاره لتلبس الجان بالإنسان، وقال: لا يوجد دليل من كتاب ولا سنة يؤيد تلبس الجان للإنسان، ورد ذلك إلى أوهام وخرافات، وزعم أن ابن تيمية لبّس عليه بعض الصالحين أشياء، صدقها ونشرها في كتبه، وعنه نقل ابن باز، وتأول الآية {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (¬1)، بالوسوسة، ومعلوم أن الأمثال في لغة العرب تعبر عن شيء واقع ومحسوس، فهي وسيلة إيضاح لتقوية الذهن على استيعاب الخبر وإدراكه، ومعنى يتخبطه: يتملكه ويصرعه، والوسوسة لا تحدث صرعا، والوسوسة يجدها الإنسان في تفكيره وفيما تحدثه به نفسه، ولا يسمعها بخطاب خارج عن ذاته، ولو فهم العلماء غير هذا لوقع خلط وخلل كبير في كثير من النصوص، والأمر الذي استغربته جدا قول د/ جمال: "يجب أن
¬_________
(¬1) (الآية (275) من سورة البقرة.

الصفحة 10