كتاب جهد المحتفي في أمر العالم المختفي

التشكل في غير الصورة الحقيقية، ويفارقهم الملائكة بأنهم لا يتشبهون بالدواب والهوام، فلا يتشبهون إلا بالصورة الحسنة، ولا يصدر منهم الأذى لغيرهم، على خلاف حال الجن، وقد جاء جبريل - عليه السلام - كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب، قال: " بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت ـ قال: فعجبنا له، يسأله ويصدقه ـ قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال ثم انطلق، فلبثت مليا ثم قال لي: يا عمر، أتدري من السائل؟ ، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه

الصفحة 24