كتاب جهد المحتفي في أمر العالم المختفي

مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (¬1)، قال روح: فرده خاسئا) (¬2)، وقال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: "قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك، ثم قال: ألعنك بلعنة الله ـــ ثلاثا ـــ وبسط يده كأنه يتناول شيئا، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله، قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك، قال: إن عدو الله، إبليس، جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ بالله منك ـــ ثلاث مرات ـــ ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة، فلم يستأخر ـــ ثلاث مرات ـــ ثم أردت أخذه، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة" (¬3)، فطمعه في الغواية لم يقف عند من دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل طمع به - صلى الله عليه وسلم -، لكنه معصوم - صلى الله عليه وسلم -، وتقع منهم المصاحبة لبني آدم على خير إن كان من مؤمني الجن الصالحين، أو شر إن كان من فسّاقهم، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "ما سمعت عمر لشيء قط يقول: إني لأظنه كذا، إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس، إذ مر به رجل جميل، فقال: لقد أخطأ ظني، أو إن هذا على دينه في الجاهلية، أو: لقد كان كاهنهم، عليّ بالرجل، فدعي له، فقال له ذلك، فقال: ما رأيت كاليوم استقبل به رجل
¬_________
(¬1) الآية (35) من سورة ص.
(¬2) أخرجه البخاري (449) ..
(¬3) أخرجه مسلم حديث (542).

الصفحة 44