كتاب جهد المحتفي في أمر العالم المختفي

المبحث العاشر: تسلطهم على بني آدم؟ :
نعم إن لله تعالى جعلهم من البلاء لبني آدم فهم يعرضون للمؤمن منهم والكافر، لكنه تعالى جعل لعباده منهم حرزا إذا ما آمنوا به وتوكلوا عليه قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (¬1)، لكن الفسّاق منهم على اختلاف ذنوبهم ومعاصيهم يسلّط عليهم، وقد يصل بهم إلى الخروج عن الملّة فيتحقق له الوعد الذي قطعه على نفسه حين قال: {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} (¬2)، وطلب الإمهال من الرب - جل جلاله - لتحقيق ما يصبو إليه فقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} (¬3)، لكنه تعالى أوضح مصيره ومن اتبعه فقال: {قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ
¬_________
(¬1) الآية (99) من سورة النحل.
(¬2) الآيتان (28، 39) من سورة الحجر.
(¬3) الآية (28) من سورة الحجر.

الصفحة 57