كتاب جهد المحتفي في أمر العالم المختفي

ومتواتر خبره عند الناس، وحوادثه معلومة مشهورة، فهم يدافعون عن حقوقهم ويقع منهم الأذى ابتداء كبني الإنسان، ومن ينكر هذا فهو إما من الجاهلين، أو المتأولين الذين لا يسندهم الصواب فيما تأولوا، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم ينكر ذلك، قال عطاء بن أبي رباح رحمه الله: "قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أصرع، وإني أتكشَّف، فادع الله لي، قال: (إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك) فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشَّف، فادع الله أن لا أتكشَّف، فدعا لها" (¬1)، وللصّرع أسباب منها ما سببه عضوي، ومنها ما يكون من النفوس الخبيثة من الجن، وهذا ما هو المرجح في قصة هذه المرأة، لما ورد في رواية البزار من وجه آخر: أنها قالت: "إني أخاف الخبيث أن يجردني، فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها" (¬2)، وجاء من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: "جاءت امرأة بها لمم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: أدع الله ... " (¬3)، وقال طاووس رحمه الله: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤتى بالمجانين فيضرب صدر أحدهم فيبرأ، فأتي بمجنونة يقال لها: أم
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري حديث (5328) ومسلم حديث (2576).
(¬2) انظر (فتح الباري 12/ 689).
(¬3) انظر (فتح الباري 12/ 689).

الصفحة 59