كتاب جهد المحتفي في أمر العالم المختفي

زفر، فضرب صدرها فلم تبرأ" (¬1)، قال ابن حجر رحمه الله: وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن، لا من صرع الخلط (¬2)، ولعل عدم خروج ذلك من أم زفر لكون الجني الذي يصرعها من المردة، واعتبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عدم البرء بلاء، فخيّرها - صلى الله عليه وسلم - بين الصبر والدعاء، ولا شك أنها لو اختارت الدعاء لحصل لها البرء، فدعاؤه - صلى الله عليه وسلم - مستجاب، قال ابن حجر رحمه الله: وفيه أن علاج الأمراض كلها بالدعاء، والالتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير، ولكن إنما ينجع بأمرين:
أحدهما: من جهة العليل، وهو صدق القصد.
والآخر: من جهة المداوي، وهو قوة توجهه، وقوة قلبه بالتقوى والتوكل (¬3)، ويؤيد هذا التوجه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) (¬4)، فقد أقدره الله على ذلك، وقد نبّه - صلى الله عليه وسلم - بالأعلى على الأدنى، فإذا كان قادرا على سلوك مجرى الدم، فإن قدرته على الوسوسة، وقذف الشر في النفوس أمر ميسور ولهذا حمل بعض العلماء الحديث على ظاهره وهو الحق إن شاء الله، ويؤيّده ما روي من أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت:
¬_________
(¬1) انظر (فتح الباري 12/ 689) ..
(¬2) انظر (فتح الباري 12/ 689).
(¬3) انظر (فتح الباري 12/ 689).
(¬4) أخرجه البخاري حديث (6750) ومسلم حديث (2174).

الصفحة 60