كتاب حقوق المرأة في ضوء الكتاب والسنة

لها: ادعي زوجك فدعته، فتلا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (¬1) الآيات، قالت عائشة: تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها، إن المرأة لتحاور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا في ناحية البيت أسمع بعض كلامها، ويخفى علي بعضه إذ أنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ} (¬2)
الآيات أي تخاصمك وتحاورك وتراجعك في زوجها، بقوة وبحرية كاملة في الرأي، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع كلامها فلم يعنفها ولم يعب عليها مراجعتها له - صلى الله عليه وسلم - لأنها صاحبة حق، ولأنه الكريم الحليم - صلى الله عليه وسلم -، فلما لم تجد حلا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفعت الأمر لخالقها واثقة بأنها ستجد عنده تعالى فرجا ومخرجا، وجاء الفرج من الله تعالى لها ولكل مسلمة حكم شرعي قرآن يتلى إلى يوم القيامة (¬3)، حرية لا نظير لها تخاصم وتجادل وتلح، على أعلى سلطة بشرية من لو كان الملك أعلى مقاما من النبوة لوصف به - صلى الله عليه وسلم - ولكنها النبوة لا مقام أعلى منها، وقد قال أبو سفيان للعباس: يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك بن أخيك الغداة عظيما، فقال: يا أبا سفيان، إنها النبوة، قال فنعم إذن (¬4) فإذا كان هذا شأن المرأة مع أرفع البشر شأنا وهيبة ووقارا، بل جاوزت ذلك إلى ملك الملوك رب العزة والجلال تناشده
¬_________
(¬1) الآية (1) من سورة المجادلة.
(¬2) من الآية (1) من سورة المجادلة ..
(¬3) انظر تفسير الغوي سورة المجادلة، بتصرف.
(¬4) الطبراني في الكبير 8/ 14.

الصفحة 75