كتاب الجوس في المنسوب إلى دوس

ولكن التعارف الذي ذكره الله - عز وجل - هو أن يعرف كل إنسان من خلال نسبه من يلقاه بنسب، فيُحرم الحرام منه، ويُحل الحلال، في نكاح أو ميراث، وما يلزمه من صلة الأرحام، وما يجب عليه من النفقات المشروعة، وهذا مما لا يسع المسلم جهله؛ لأنه من فروض الإسلام، ومن هنا نعلم أهمية قول رسول الله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأجل، مرضاة للرب» (¬1)، فعِلم الأنساب له مكانته وفضله لما ذكرنا، ولمعرفة من أمر الله ورسوله بموالاتهم وحبهم، ولا ريب أن أكرم الناس علينا وأحبهم إلينا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فمعرفة نسبه أمر بالغ الأهمية لكل مسلم ومسلمة، وكذلك نسب أهل بيته - رضي الله عنهم -، ومن أهل بيته نساؤه رضي الله عنهن؛ فهن أمهات المؤمنين، مفروض حقهن على كل مسلم ومسلمة، ونكاحهن محرم على كل مسلم، وحق آل البيت علينا لازم من حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا لا يجهله مسلم، وكذلك حب أصحابه المهاجرين - رضي الله عنهم -، الذين نصروه وهاجروا معه، تاركين الأهل والمال والوطن، نصرة لله ورسوله، وكذلك حب أصحابه الأنصار - رضي الله عنهم -، الذين استقبلوه وآووه؛ هو ومن هاجر معه، ونصروهم نصرا مؤزرا، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبهم علامة على الإيمان، وبغضهم علامة على النفاق، قال - صلى الله عليه وسلم -: «آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار» (¬2)، أنهم الذين أقام الله بهم الإسلام، وأظهر الدين بسعيهم، وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - كل من ولي من أمور المسلمين شيئا أن يستوصي بالأنصار خيرا، وأن يحسن إلى محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم (¬3)، ويدخل في الاهتمام بعلم النسب معرفة من له حق في الخمس، وفيم يكون الخمس؟ (¬4)، ومن تحرم عليه الصدقة، ومن لا حق له في
¬_________
(¬1) المسند حديث (7755).
(¬2) البخاري حديث (17).
(¬3) شعب الإيمان 4/ 70 ..
(¬4) علما بأن الخمس ضل في فهمه الرافضة، لا ريب أنه عن قصد منهم لاستغلال العامة، إذ فرضوا عليهم تخميس كل ما يملكون، ويدفعونه للمنتسبين لآل البيت، فأثرى ساداتهم ثراء فاحشا، بسبب ذلك التعميم الباطل شرعا وعقلا، فإنه مخالف لنص القرآن قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا =

الصفحة 2