كتاب نسبة ومنسوب

الجبل بأسره غير أصبهان وطبرستان وأذربيجان وأرّان وبعض أرمينية وخرجوا من الدربند، كلّ ذلك في أقل من عامين.
وقتلوا أهل كل مدينة ملكوها، ثم خذلهم الله وردهم من حيث جاءوا، ثم إنّهم بعد خروجهم من الدربند ملكوا بلاد الخزر، واللان، وروس، وسقسين، ومن ذلك الوقت المرير وقوة المسلمين تنحسر في تلك الأنحاء، وفي العالم كله (¬1)، ومن أبرز أسباب ضعف المسلمين، وخراب ما ملك آباؤهم وما شيدوا من المدن والقرى انغماس الولاة والقواد والمترفين في الشهوات، من النساء والشراب، والقناطير المقنطرة من الأصفر والأبيض، وكل ما هو ثمين، وقلّ العدل وانتشر الظلم، وكثرت الملل والنحل التي انتشرت بأسبابٍ سياسية وعرقية وعصبية، وأفكار بدعية يزعمون أنها من طلب الدين، بل زعم البعض أنها الدين كله، ولا حظ في الدين لمن لا يعتقدها، ويدعو إليها ويجاهد لنشرها، كما هو الحال فيما تقوم به الرافضة اليوم، وهو امتداد لأصولها من أيام معاوية - رضي الله عنه -، وقد خرب بسبب العصبية بين الرافضة وأتباع المذاهب الأربعة كثير من المدن والقرى المملوكة بالفتح الإسلامي، وكانت أسبابا لخرابها أو استعادتها من المسلمين، كما هو الحال في الري وغيرها كثير (¬2)، قال ياقوت رحمه الله عن الري: كانت مدينة عظيمة خرب أكثرها، واتفق أنّني اجتزت في خرابها في سنة (617) وأنا منهزم من التتر فرأيت حيطان خرابها قائمة ومنابرها باقية وتزاويق الحيطان بحالها لقرب عهدها بالخراب إلّا أنّها خاوية على عروشها، فسألت رجلا من عقلائها عن السبب في ذلك فقال: أمّا السبب فضعيف ولكن الله إذا أراد أمرا بلغه، كان أهل المدينة ثلاث طوائف: شافعية وهم الأقل، وحنفية وهم الأكثر، وشيعة وهم السواد الأعظم، لأن أهل البلد كان نصفهم شيعة وأما أهل الرستاق (¬3)
فليس فيهم إلّا شيعة وقليل من الحنفيين ولم يكن فيهم من الشافعيّة أحد، فوقعت العصبيّة بين السنّة والشيعة فتضافر عليهم الحنفية والشافعيّة وتطاولت بينهم الحروب حتى لم يتركوا من
¬_________
(¬1) معجم البلدان 1/ 182.
(¬2) معجم البلدان 3/ 117.
(¬3) تقدم بيانها عند النسبة (12) ..

الصفحة 4