كتاب نسبة ومنسوب

الشيعة من يعرف، فلمّا أفنوهم وقعت العصبيّة بين الحنفية والشافعيّة ووقعت بينهم حروب كان الظفر في جميعها للشافعيّة هذا مع قلّة عدد الشافعيّة إلّا أن الله نصرهم عليهم، وكان أهل الرستاق، وهم حنفية، يجيئون إلى البلد بالسلاح الشاك ويساعدون أهل نحلتهم فلم يغنهم ذلك شيئا حتى أفنوهم، فهذه المحالّ الخراب التي ترى هي محالّ الشيعة والحنفية، وبقيت هذه المحلة المعروفة بالشافعية وهي أصغر محالّ الرّيّ، ولم يبق من الشيعة والحنفية إلّا من يخفي مذهبه، ووجدت دورهم كلها مبنية تحت الأرض، ودروبهم التي يسلك بها إلى دورهم على غاية الظلمة وصعوبة المسلك، فعلوا ذلك لكثرة ما يطرقهم من العساكر بالغارات، ولولا ذلك لما بقي فيها أحد.
قلت: وهذا الصراع حتى لو كان سياسيا سببه عدم فهم الإسلام الصحيح، ولاسيما لدى الرافضة، فإنهم مثار كل فتنة بين المسلمين، بسبب ما يدّعون من محبة آل البيت، وولايتهم عليهم السلام، وكفّروا الصحابة - رضي الله عنهم -، وكل من لا يقول بوَلاية علي وذريته - رضي الله عنهم -، لأن الوَلاية عند الرافضة ركن في الإيمان، وقالوا بوجوب قتل من لا يقول بها، واستباحة دمه وماله وعرضه، لذلك ترى تظافر أتباع الأئمة الأربعة ضدهم، إلا من خالفهم في الاعتقاد وغالى في التشيع، فإنه يوالي الرافضة، كما حدث من بعض الحنفية إذ وقفوا مع الرافضة ضد الشافعية أهل السنة، ولو التزم مراجع الرافضة منهج آل البيت عليهم السلام في فهم الإسلام الصحيح، واقتصروا على أحقية علي - رضي الله عنه - بالخلافة، من غير تكفير للصحابة وسائر الأمة الذين يرون ترتيب الخلفاء الراشدين في الفضل، لو فعلوا ذلك لما انتثر عقد الوحدة الإسلامية، ولكن الرافضة أبو إلا الرفض لغاية يطلبونها طلبا حثيثا وهي استعادة أمجاد الفرس، تحت غطاء الولاية وحب آل البيت وهم برآء من ذلك، براءة الذئب من دم يوسف - عليه السلام -.
أما ما بقي من أمجاد المسلمين في تلك الديار فشيء قليل، نتعزى به حيث قصرت همم الدول عن المحافظة عليه، فلما ضاع عجز التالون عن استعادة شيء منه، فجزى الله عنا الفاتحين خير الجزاء، والحمد الله الذي أغنانا بذكرهم عن الكثيرين من الأحياء، فإنه مدبر الأمور على مر الأيام والشهور والدهو. المؤلف

الصفحة 5