كتاب نسبة ومنسوب

لقول الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (¬1)، وينكر عليهم استحسان ما لم يستحسن الله - عز وجل -، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما ما هو غلو قد يهلك صاحبه، فكمن يرى التصوف أداء الفرائض دون الرواتب، والنوافل كصلاة التراويح والقيام، ويرون السعي إلى الحقيقة بالاشتغال بالتفكر في ذات الله - عز وجل -، ولا يخلوا سرهم من ذكر الله - عز وجل -، وهؤلاء إفترقوا عن سابقيهم بترك ما عدا الفرئض، وقلنا: إنه غلو لأن الرواتب والنوافل لم يتركها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا الرواتب في السفر، عدا الوتر وركعتي الفجر، بل حرص عليها فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا، غير فريضة، إلا بنى الله له بيتا في الجنة، أو إلا بُني له بيت في الجنة» (¬2)، ولأنهم والله أعلم يبحثون عن حقيقة يزعمون أنها توصلهم إلى الرتبة النورية التالية.
وأما ما هو كفر وإلحاد وضلال فكمن يرى التصوف الحصول على الصفات الحميدة، بالتزام مراقبة النفس، والتزام التوكل على الله - عز وجل -، فلا يسعون إلى كسب، يعيشون على ما يقدمه الغير تبركا بصلاحهم، فهم يزعمون أنهم في شوق وتسليم يصلون بذلك كله إلى أن يكشف لهم الحجاب النوري، فيرون أنهم تأهلوا لظهور الكرامات، وجلب الخير لأتباعهم، ودفع الضرر عمن التجأ إليهم، وهذا ما أدى بالكثيرين منهم إلى القول بالحلول والاتحاد وهو الكفر الصريح، لأنهم بعد أن رأوا لأنفسهم حق التصرف في الكون، بل ادعوا سقوط التكاليف عنهم.
وأول من وقع في هذا الكفر الروافض فإنهم ادعوا الحلول في ذوات أئمتهم، وكم نسمع عبر الفضائيات اليوم أن عليا - رضي الله عنه - يتصرف في الكون، وكذلك الأئمة من ذريته - رضي الله عنهم -، وهي مزاعم كفر وضلال من الرافضة الأئمة برآء من ذلك، هم عباد
¬_________
(¬1) الآية (32) من سورة الأعراف.
(¬2) مسلم حديث (728).

الصفحة 7