كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 16)
عُمَرُ، فقالَ عمر: ما رأَيتُ كاللَّيْلةِ مَنْظَرًا أقبحَ من شيخٍ ينتظرُ أَجَلهُ! فرفَعَ الشيخ رَأسَهُ إليه فقالَ: بَلَى يا أَميرَ المؤمنين، ما صَنَعْتَ أَنْتَ أَقْبَحُ، تَجَسَّسْتَ وقد نهى عن التجسس، ودخلتَ بغير إذن، فقال عمر: صَدَقْتَ، ثم خَرَجَ عَاضًا على ثوبه يبكى وقال: ثكِلتْ عُمَرَ أُمُّهُ إِن لم يَغفر له ربه، نجدُ هذا كان يستخفى به من أهله فيقول الآن رآنى عمر فليتابع (*) فيه، وهجرَ الشَّيْخُ مجلس عمر حِينًا، فبينا عمرُ بعد ذلك جالسٌ إذ هو قد جاء شبه المستخفى، حَتَّى جَلَسَ في أُخْرَيَاتِ الناس، فرآه عمر فقال: عَلَىَّ بهذا الشَّيْخِ، فأتى، فقيل له: أَجِبْ، فقام وهو يرى أن عمر سَيَسُوءُهُ بما رأى منه، فقال له عمر: ادْنُ مِنِّى، فما زال عمر يدنيه حتى أجلسه بجنبه، فقال أَدْنِ أُذُنكَ، فالتقم أُذنه، فقال: أما والذى بعثَ محمدًا بالحق رسولًا ما أَخْبَرْتُ أحدًا من النَّاسِ بما رأَيتُ منكَ ولا ابن مسعود فإنه كان معى فقال: يا أمير المؤمنين: أَدْنِ منِّى أُذُنَكَ فالْتَقَمَ أذُنَهُ، فقال: ولا أنا، والذى بعثَ محمدًا بالحق رسولًا ما عدتُ إليه حَتَّى جَلَسْتُ مجلسى هذا، فرفع عمر صوته يُكَبِّر، فَمَا يَدْرِى النَّاسُ من أى شئ يُكَبِّر".
أبو الشيخ في كتاب القطع والسرقة (¬1).
2/ 2440 - "عن عمر بن الخطاب قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يأتى على النَّاسِ زمانٌ أَكْثَرُهم وجُوهُهُم وجُوهُ الآدَمِيينَ، وقلُوبهم قلوبُ الذئاب الضَّوارِى، سفَّاكون للدماء لَا يَرْعونَ عن قبيحٍ فَعَلُوه، فإن بايعتهم وَارَبُوكَ، وإن حَدَّثُوكَ كذَبُوك، وإن ائتَمنْتَهُم خانوك، وإنْ توَاريت عنهم اغْتَابُوكَ، صَبِيُّهمْ عَارِمٌ، وشَابُّهُمْ شَاطِرٌ (* *)، وشيخُهمْ فَاجِرٌ، لا يأمرون بمعروفٍ، ولا ينهون عن منكرٍ، الاختلاطُ بهم ذُلٌّ، وطلبُ ما في
¬__________
(*) تتابع: بتاءين وبعدهما ألف وبعد الألف باء، وهو: إشاعة الأخبار الفاحشة. اهـ.
(¬1) الأثر في كنز العمال جـ 3 ص 692، 693 حديث رقم 8485 كتاب (الأخلاق من قسم الأفعال) أدب الأمر بالمعروف، بلفظ: عن السُّدى قال: خرج عمر بن الخطاب فإذا هو بضوء نارٍ، ومعه عبد اللَّه بن مسعود، فاتبع الضوء حتى دخل دارًا. . . إلخ.
(* *) الشاطر: الذى أعيا أهله. المختار.