كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 16)

الدينورى (¬1).
2/ 2477 - "عن أسامةَ بنِ زيدِ بن أسلمَ عن أبيه عن جده قال: أَخْبرَنا عمرُ بْنُ الخطابِ قال: خرجتُ مع ناسٍ منْ قُرْيشٍ فِى تِجَارةٍ إِلَى الشام فِى الجَاهِلِيةِ، فلما خرجنا إِلى مكة نسيت قضاءَ حاجةٍ، فرجعت، فقلتُ لأَصحابى: أَلْحقكم، فواللَّه إنى لفِى سوقٍ من أسواقِها إِذا أَنَا بِبِطْريقٍ قد جاءَ فأخذَ بِعُنُقِى، فذهبتُ أُنَازِعُه، فأدخلَنى كَنِيسةً، فإذَا تُرَابٌ مُتراكبٌ بعضُه على بعضٍ، فدفع إلىَّ مِخرَفَةً وفَأسًا وَزِنْبِيلًا وقال: انْقُل هَذَا التُّرابَ فجلستُ أتفكرُ في أَمْرِى كيفَ أَصْنَعُ؟ فأتانى في الهاجِرَة فقال: لَمْ أرَكَ أخرجتَ شيئًا، ثم ضمَّ أصابِعه فضربَ بِها وَسَط رَأسِى فقلتُ: ثَكِلتْكَ أُمُّكُ يا عُمَرُ، وَبَلَغَكَ مَا أرَى؟ ! فقمتُ بالمِجْرَفَةِ فضربتُ بها هَامَتَهُ، فإذَا دماغهُ قد انْتَثَرَ، فَأخذتُه ثم وَارَيْتُه تحتَ التُّرَابِ ثم خرجتُ على وَجْهِى مَا أَدْرِى أينَ أَسْلُكُ؟ فَمَشَيْتُ بقيةَ يومى ولَيْلَتى، ومن الغَد، ثم انتهيتُ إِلى دِيرٍ، فاسْتَظلَلْتُ في ظلِّه، فَخَرَجَ إِلىَّ رجلٌ من أَهْلِ الدَّيرِ فقال: يا عبدَ اللَّه! ما يُجْلِسُك ههنا؟ فَقُلت: أُضْلِلتُ عن أَصْحَابِى، قال: ما أنتَ على الطريقِ، وَإِنَّك لتَنْظُرُ بعينِ خائفٍ، ادْخُلْ فَأَصِبْ من الطَّعَامِ واستَرحْ ونَمْ، فدخلتُ فجاء بطَعامٍ وشَرَابٍ ولُطَفٍ فَصَعَّد فِىَّ البصرَ وخَفَّضَه ثم قال: يا هَذَا! قَدْ عَلم أهلُ الكِتَاب: أَنَّه لم يبقَ على وجهِ الأَرْضِ أحدٌ أعلمُ مِنِّى بِالكِتَابِ، وَإِنِّى أَجِد صِفَتك الذى يُخرِجُنا من هَذَا الدَّيْرِ، ويَغْلِبُ على هَذِه البلدَةِ، فَقُلْتُ لَه: أيُّها الرجلُ! قد ذهبتَ في غير مَذْهَبٍ، قال: ما اسْمُك؟ قلتُ: عُمرُ بن الخطاب، قال: أنت واللَّه صاحِبُنَا غَيْرَ شَكٍّ، فَمَا كتب لِى على دِيرى ومَا فِيه؟ قلتُ: أيُّها الرجلُ! قد صنعتَ مَعْرُوفًا فَلَا تُكَدِّرْه، فقالَ: اكتُبْ لى كِتابًا فِى رَقٍّ، لَيْسَ عَلَيْكَ فيهِ شَىْءٌ، فَإنْ يَكُ صَاحِبُنَا فَهُو مَا تُريدُ وإن يكُنِ الأُخرى فَلَيْسَ يَضُرُّكَ، قلت: هَاتِ فكتبْتُ له، ثم خَتمْتُ عَلَيْه فَدَعا سعَفَة فَدَفَعَها إِلَىَّ وبأثْوَابٍ وَبِأَتَانٍ قدْ أوكفَتْ فقالَ:
¬__________
(¬1) الأثر في كنز العمال للمتقى الهندى جـ 16 ص 158 رقم 44202 كتاب (المواعظ والرقائق والخطب والحكم من قسم الأفعال) خطب عمر ومواعظه -رضي اللَّه عنه- وأورد الحديث بلفظه.
(وعزاه إلى الدينورى).

الصفحة 129