كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 16)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= ثم البهزى الذى بهله بريق (*)، فقال عمر: قد عرفت أن بريقا لقب، فما اسم الرجل؟ ، قالوا: عياض، قال: فدعى له، فقال: أخبر بنى خبرك، وخبر بنى ضبعا، قال: يا أمير المؤمنين أمر من أم الجاهلية قد انقضى شأنه، وقد جاء اللَّه -عز وجل- بالإسلام، فقال عمر: "اللهم غفرا، ما كنا أحق بأن نتحدث بأمر الجاهلية منذ أكرمنا اللَّه بالإسلام، حدثنا حديثك وحديثهم" قال: يا أمير المؤمنين؛ كانوا -بنى ضبعا عشرة- فكنت ابن عم لهم، لم يبق من بنى أَبى غيرى وكنت لهم جارا، وكانوا أقرب قومى لى نسبا, وكانوا يضطهدوننى ويظلموننى، ويأخذون ما لى بغير حقه، فذكرتهم اللَّه والرحم والجوار إلَّا ما كفوا عنى، فلم يمنعنى ذلك منهم، فأمهلتهم حتى إذا دخل الشهر الحرام رفعت يدى إلى السماء ثم قلت:
لا هم أدعوك دعاء جاهدا ... اقتل بنى الضبعاء إلا واحدا
ثم اضرب الرجل فذره قاعدا ... أعمى إذا ما قيد عنى القائدا
فتتابع منهم تسعة في عامهم موتا، وبقى هذا فعمى، ورماه اللَّه في رجليه بما ترى، فقائده يلقى منه ما رأيت. فقال عمر: "سبحان اللَّه، إن هذا للعجب".
فقال رجل من القوم: "يا أمير المؤمنين! فشأن أَبى تقاصف الهذلى، ثم الخزاعى، أعجب من هذا" قال: "وكيف كان شأنه؟ " قال: كان لأبى يقاصف تسعة هو عاشرهم، وكان لهم ابن عم هو منهم بمنزلة عياض من بنى ضبعا، فكانوا يظلمونه، ويضطهدونه، ويأخذون ماله بغير حق، فذكرهم اللَّه والرحم إلَّا ما كفوا عنه، فلم يمنعه ذلك منهم، فأهلهم حتى إذا دخل الشهر الحرام، رفع يديه إلى اللَّه -عز وجل- ثم قال:
لا هم رب قال امرئ آمن وخائف ... وسامع هتاف كل هاتف
إن الخزاعى أبا تقاصف ... لم يعطنى الحق ولم يناصف
فاجمع له الأحبة الألاطف ... بين كران ثم والنواصف
قال: "فتدلوا حيث وصف في قليب (* *) لهم يصلحونه، فتهور عليهم جميعا، فإنه لقبر لهم جميعا إلى يومهم هذا".
فقال عمر: "سبحان اللَّه، إن هذا للعجب".
فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين! فشأن بنى المؤمل من بنى نصر أعجب من هذا كله".
قال: "وكيف كان شأن بنى مؤمل؟ قال: "كان لهم ابن عمر وكان بنو أبيه قد هلكوا، فألجأ ماله إليهم ونفسه ليمنعوه، فكانوا يظلمونه، ويضطهدونه، ويأخذون ماله بغير حق، فكلمهم فقال: يا بنى مؤمل! =
===
(*) بهله بريق: (أ) الذى لعنَه ودعا عليه، وبُرَيقٌ سم رجل من حديث ابن الصَّبْغاء "قال الذى بَهَله بُرَيْقٌ" النهاية، جـ 1 ص 167.
(* *) القليب: البئر قبل أن تطوى. قلت: يعنى قبل أن تبنى بالحجارة ونحوها يذكر ويؤنث، وقال أبو عبيدة: هى البئر العادية القديمة. مختار الصحاح ص 457.