كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 16)
2/ 2515 - "عَنْ أَبِى رَافِعٍ قَالَ: وَجَّهَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَيْشًا إِلَى الرُّومِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْد اللَّه بْنُ حُذَافَةَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَسَرَهُ الرُّومُ فَذَهَبُوا بِهِ إِلَى مَلكِهِمْ فَقَالُوا (لَهُ) (*): إِنَّ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ لَهُ الطَّاغِيَةُ: هَلْ لَكَ أَنْ تَنَصَّر وَأُشْرِكَكَ في مُلْكِى وسُلْطَانِى؟ (فَ) (* *) قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّه: لَوْ أَعْطَيْتَنِى جميعَ مَا تَمْلِكُ وجَمِيعَ مَا مَلكَتْهُ الْعَرَبُ عَلَى أَنْ أَرْجِعَ عَنْ دِينِ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- طَرْفَةَ عَيْنٍ مَا فَعَلْتُ! قَالَ: إِذَنْ أقتلك، قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ! فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ، وَقَالَ للرُّمَاةِ: ارْمُوهُ قَرِيبًا مِنْ يَدَيْهِ، قَرِيبًا مِنْ رِجْلَيْهِ، وَهُوَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَأبَى، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُنْزِلَ، ثُمَّ دَعَا بِقِدْرٍ فَصَبَّ فِيهَا مَاءً حَتَّى احْتَرَقَتْ، ثُمَّ دَعَا بِأَسِيرَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَرَ بِأَحَدِهما فَأُلْقِى فِيهَا وَهُو يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيَّةَ وهُوَ يَأبَى، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ أَنْ يُلْقَى فِيهَا، فَلَمَّا ذُهِبَ بِهِ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ بَكَى، فَظَنَّ أَنَّهُ جَزعَ فَقَالَ: رُدُّوهُ، فَعَرَضَ عَلَيْه النَّصْرَانِيَّةَ فَأَبَى، قَالَ: فَمَا أَبْكَاكَ إِذَنْ؟ قَالَ: أَبْكَانِى أَنِّى قُلْتُ: هِى نَفْسٌ وَاحِدَةٌ تُلْقَى السَّاعَةَ في هَذَا الْقِدْرِ فَتَذْهَبُ، فَكُنْتُ أَشْتَهِى
¬__________
= ما نصنع به، قد خلعناه، -قتله اللَّه- فواللَّه لا يتبعك من دمه شئ تكرهه أبدا. حتى عدا مرة من ذلك، فأخذ منه ناقة له خيارًا فأقبل بها إلى شعبة الوادى، ثم نحرها وأخذ سنامها ومطايب لحمها، ثم تركها، وخرج الجهنى في طلبها حين فقدها يلتمسها، فاتبع أثرها حتى وجدها، فجاء إلى نادى بنى ضمرة مرة وهو آسف مصاب وهو يقول:
أصادق ريشة يا آل ضمرة ... أن ليس للَّه عليه قدرة
ما إن يزال شارف وبكرة ... يطعن منها في سواء الثغرة
بصارم ذى رونق أو شفرة ... لاهم إن كان معدا فجره
فاجعل أمام العين منه جدرة ... تأكله حتى توافى الجهرة
قال: فأخرج اللَّه أمام عينيه في مآقيه حيث وصف ببثرة (*) مثل النبقة، وخرجنا إلى الموسم حجاجا، فرجعنا من الحج وقد صارت أكلة أكلت رأسه أجمع، فمات حين قدمنا. اهـ.
(*) ما بين القوسين من الكنز.
(* *) في الكنز (فقال) بدل (قال).
===
(*) البثر: خراج صغير. اهـ: قاموس.
الصفحة 151