كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 16)

ابن سعد (¬1).
2/ 2299 - "عن موسى بن جبير، عن شيوخٍ من أَهْلِ المدينةِ قالوا: كتب عمرُ ابن الخطاب إلى عمرو بن العاص: أما بعدُ فإنى قد فرضتُ لمن قِبَلى في الديوان ولذرِّيَّتِهم ولمن (وَرَد) علينا (بالمدينة) من أهل اليمنِ وغيرهم ممن توجَّه إليك، وإلى البلدان فانْظُرْ من فرضتُ له ونزلَ بك فأدِرْ عليه العطاءَ وعلى ذُريّته، ومن نزل بك ممن لم أفرضْ له فافرض له على نحو ما رأيتَنى فرضتُ لأَشْباههِ، وخذ لِنفْسك مائتى دينارٍ، فهذهِ فرائض أَهْلِ بدرٍ من المهاجرين والأنصارِ، ولم أُبَلِّغ بهَذا أحدًا من نُظَرائِك غيرَك؛ لأنَّك من عمَّال المسلمين فَأَلحقْتُك بأرْفَعِ ذَلك، وقد علمتَ أن مُؤْنَتَنا تَلْزمُك، فوفِّر الخَراجَ وخذْه من حقِّه، ثم عِفَّ عنه بعد جَمْعهِ، فإذا حصلَ إليك وجمعْته أخرجْتَ عطاءَ المسلمين وذُرِّيتهم، وما يُحْتاج إليه مما لابُدَّ منه، ثم انظر فيما فَضَل بعدَ ذلك فاحْمِله إلىَّ، واعلم أن ما قِبَلَك من أرضِ مصرَ ليس فيه خُمُسٌ، وإنما هى أرضُ صُلحٍ وما فيها للمسلمين فَىْءٌ، يُبْدَأُ بمنْ أَغْنى عنْهم في ثغورِهم وأجزأ عنهم في أعمالِهم، ثم تُفِيضُ ما فَضَلَ بعد ذلك على من سَمَّى اللَّه، واعلم يا عمرو أن اللَّه يراك ويرى عملك، فإنه قال: تبارك وتعالى في كتابه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} ويعلم من سريرتك ما يعلم من علانيتك فلتكن تقتدى به، وإن
¬__________
(¬1) الأثر في كنز العمال جـ 4 ص 550 كتاب (الجهاد) باب: الخراج برقم 11622 قال: عن عمرو بن الحارث قال: "كان عمرو بن العاص يبعثُ بجزية أهل مصرَ وخراجها إلى عمر بن الخطاب كل سنةٍ بعدَ حبْس ما كان يحتاج إليه، ثم إنه استبطأ عمرو بن العاص في الخراج، فكتب إليه بكتاب يلومه في ذلك، ويشدد عليه، ويقول له في كتابه: فلا تجزع أبا عبد اللَّه أن تؤخذ بالحق وتعطيه فإن الحق أبلجُ، فذرنى وما عنه يُلجلج، وقد برحَ الخفاء، فكتب إليه عمرو بن العاص يجيبه على كتابه، وكتب إليه: إن أهل الأرض استنظروا أن تدرك غلتهم، فنظرتُ للمسلمين، وكان الترفّقُ بهم خيرا من أن يخرق، فيصيرون إلى بيع ما لا غنى بهم عنه، فينكر الخراج، وفد صدقتُ واللَّه يا أمير المؤمنين، والسلام" (وعزاه لابن سعد).
قال المحقق: يخرق بهم: خرق يخرق من الباب الرابع الثلاثى المجرد والمعنى: إذا انتظرتهم حتى تدرك غلاتهم فيدفعون ما عليهم من الخراج من الغلة خير من أخذه منهم قبل الأدراك، فيحتاجون إلى بيع أمتعتهم وغيرهم فيقعون في حيرة وحاجة ماسة. اهـ.

الصفحة 39