كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 16)

معك أهلَ ذمةٍ وعهد قد أوصى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بِهم، وأوصى بالقِبْط، فقال: استوصوا بالقبط خيرًا فإِن لهم ذِمَّة ورَحِمًا، ورحِمُهم أَنَّ إسماعيلَ منهم، وقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من ظلم معاهَدًا أو كلَّفه فوق طاقته فأنا خصمه يومَ القِيامَة، احذر يا عَمْرو أن يَكون لقد ابتليتُ بولاية هذه الأمةِ وآنستُ من نفسى ضعفًا، وانتشرت رعيتى، وَرَقَّ عَظمِى، فَأَسأَلُ اللَّه أن يَقبضَنى إليه غيرَ مفرّط، واللَّه إنى لأَخشى لو ماتَ حمل بِأقْصَى عملك ضياعا أن أُسْأل عنه يَوم القِيامَة".
ابن سعد (¬1).
2/ 2300 - "عن جعفر بن عبد اللَّه بن أَبى الحكمِ قال: خرج عمروُ بن العاص إلَىَّ بطريقِ غَزّة في نفرٍ من أصحابِه، فقال له البطريقُ: مرحبًا بك، وأجلسه معه على سريره وحادثَه فأطالَ، ثم كلَّمه بكلامٍ كثيرٍ، وحاجَّه عمروٌ ودعاه إلى الإسلام، فلما سمع البطريق كلامه وبيانَه وأدَاءَه قال بالرومية: يا معشر الرومِ أطيعونى اليوم واعصُونى الدهرَ، هذا أميرُ القوم، ألا ترون أنى كُلَّما كلمتُه كلمةً أجبانى عن نفِسه؟ ! لا يقول: أشاورُ أصحابى وأذكر لهم ما عرضتَ علَىَّ فليس الرأىُ إلا أن نَقْتُله قبل أن يخرجُ من عِنْدنا، فَتَخْتَلِف العرب (بيْننا) وبين أمِيرهم، فقال من حوله من الروم: ليسَ هذا برأى، وكان (قد) دخلَ مع عمرو بن العاص رجل من أصحابهِ يعرفُ كلامَ الرومِ، فألْقَى إلى عَمْرو ما قالَ الملكُ، وخرج عمروٌ من عندِه، فلما خرج من الباب كبَّر وقال: لا أعود لمثلِ هذا أبدًا، وأعظم القومُ ذلك، وحمد اللَّه على ما رزق من السلامةِ، وكتب عمرو بذلِك إلى عُمرَ بن الخطاب،
¬__________
(¬1) ما بين الأقواس ساقط من الأصل أثبتناه من كنز العمال جـ 5 ص 759 كتاب (الخلافة مع الإمارة) الترهيب عها برقم 14304 قال: عن موسى بن جبير عن شيوخ من أهل المدينة قالوا: "كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص: أما بعد: فإنى قد فرضت من قبلى في الديوان ولذريتهم ولمن ورد عينا بالمدينة من أهل اليمن وغيرهم فمن نوجه إليك وإلى البلدان، فانظر من فرضتُ له فنزل بك فاردُد عيه العطاء وعلى ذريته ومن نزل بك ممن لم أفرض له على نحو مما رأيتنى فرضت لأشباهه وخذ لنفسك مائتى دينار، فهذه فرائض أهل بدر من المهاجرين والأنصار".

الصفحة 40