كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 16)

ابن راهويه (¬1).
2/ 2322 - "عن أَبى البخترى الطائى أن ناسا كانوا بالكوفة. مع أَبى المختار -يعنى والد المختار بن أَبى عبيد- حيث قتل بجسر أَبى عبيد قال: فقتلوا إلا رجلين حملا على العدو بأسيافهِما فأفرجوا لهما فنجِيا، أو ثلاثة، فأتوا المدينة، فخرج عمر وهم قعود يذكرونهم، فقال عمر: عَمَّ قلتم لهم؟ قالوا: استغفرنا لهم ودعونا لهم، قال: لتُحدثُتّى بما قلتم لهم أو لتلقون منى برجاء، قالوا: إنا قلنا إنهم شهداء، قال: والذى لا إله إلا هو، والذى بعث محمدا بالحق لا تقوم الساعة إلا بإذنه، ما تعلم نفس حية ماذا عند اللَّه لنفسٍ ميتة إلا نبى اللَّه، فإن اللَّه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، والذى لا إله غيرهُ والذى بعث محمدا بالحق والهدى لا تقوم الساعةُ إلا بإذنه، إن الرجل يقاتل رياء، ويقاتل حمية، ويقاتل يريد الدنيا، ويقاتل يريد المال، وَما للذين يقاتلون عند اللَّه إلا ما في أنفسهم".
¬__________
(¬1) الأثر في الكنز (الأنبذة) جـ 5 ص 515 رقم 13776 بلفظ: عن سفيان بن وهب الخَولانِى قال: كنت مع عمر بن الخطاب بالشام فقال أهلُ الذمة: إنك كلَّفتنا وفرضت علينا أن نرزق المسلمين العسلَ ولا نجده، فقال عمر: إن المسلمين إذا دخلوا أرضا فلم يوطنوا فيها اشتدَّ عليهم أن يشربوا الماءَ القَراح، فلا بد لهم مما يُصلحهم، فقالوا: إن عندنا شرابا نُصلحُه من العنب شيئا يشبه العسل، قال: فأتوا به، فجعل يرفعهُ بأصبعه فيمده كهيئة العسل، فقال: كان هذا طلاءُ الإبل، فدعا بماء فصبَّه عليه ثم خفض فشرب منه وشرب أصحابُه وقال: ما أطيب هذا فارزقوا المسلمين منه، فرزقوهم منه، فلبث ما شاء اللَّه، ثم إن رجلًا خدِرَ منه فقام المسلمون فضربوه بنعالهم وقالوا: سكران، فقال الرجل: لا تقتلونى؛ فواللَّه ما شربت إلا الذى رزقنا عمر، فقام عمر بين ظهرانى الناس فقال: أيها الناس إنما أنا بشرٌ لست أحلُّ حراما ولا أحرم حلالًا، وإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبض فرفع الوحى، فأخذ عمر بثوبه فقال: انى أبرأ إلى اللَّه من هذا أن أحل لكم حراما، فاتركوه، فإنى أخاف أن يدخل النَّاسُ فيه مدخلا، وقد سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "كل مسكر خمر فدعوه" (وعزاه لابن راهويه).
قال المعلق: الماء القرَاح، بالفتح: الذى لا يشوبه شئ. اهـ: المختار.
الأثر في المطالب العالية، باب: (كل مسكر حرام) جـ 2 ص 107 رقم 1784 بسنده ولفظه من غير اختلاف إلا في كلمتين (نصنعه) موافقا للأصل، وهى في الكنز (نصلحه) وكلمة "خيض" وكله متقارب ومعناه: خلط.

الصفحة 51