كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 16)

نعرفهُ إلا بها قُلْتَ، فقال لرجلٍ: قُمْ فَادْعُهُ لِى، فقامت المرأةُ حين أرسل إلى زوجِها فقعدت خلفَ عُمَر، فلم يلبث أن جاءا معًا حتى جلس بين يَدَى عمرَ، فقال عمر: مَا تَقُولُ هَذِهِ الجَالِسَةُ خَلفِى؟ قال: وَمَنْ هَذِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قال: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، قال: وَتَقُولُ مَاذَا؟ فقال: تَزْعُمُ أنَّهُ قَدْ قَلَّ خَيْرُكَ وَكَثُرَ شَرُّك، قال: بِئسَمَا قَالَتْ يا أميرَ المؤمنين: إِنَّهَا لَمِنْ صَالِح نِسَائِهَا؛ أكْثَرُهُنَّ كِسْوَةً وَأكْثَرُهُنَّ رَفَاهِيَةَ بَيْتٍ، وَلَكِنَّ فَحْلَهَا بَلِى، فقال عمر للمرأة: مَا تَقُولِينَ؟ قالت: صَدَقَ، فقام عمر إليها بالدِّرَّةِ فَتَنَاوَلَهَا بِهَا ثم قال: أَى عَدُوَّةَ نَفْسِهَا؟ أَكَلْتِ مَالَهُ وَأَفْنَيْتِ شَبَابَهُ، ثُمَّ أَنْشَأَتِ تُخْبِرِينَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ؟ قالت: يا أمير المؤمنين: لَا تَعْجَلْ، فَوَاللَّه لَا أَجْلِسُ هَذَا المَجْلِسَ أبَدًا، فأمرَ لَها بثلاثةِ أثوابٍ، فقال: خُذى هَذَا بما صَنَعْتُ بكِ وَإيَّاكِ أَنْ تَشْتَكِى هَذَا الشَّيْخَ، قال: فَكَأَنِّى أنْظُرُ إِلَيْها (قَامَتْ وَمَعَهَا الثِّيَابُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى زَوْجِهَا فَقَالَ: لَا يَحْمِلُكَ مَا رَأَيْتَنِى صَنَعْتُ بِهَا أَنْ تُسِئَ إِلَيْهَا) فقال: ما كنت لأفعلَ، قال: فَانْصَرَفا، ثم قال عمر: سَمعْتُ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "خَيْرُ أُمَّتِى القَرْنُ الَّذِى أَنَا مِنْهُمْ، ثُمَّ الثَّانِى، ثُمَّ الثَّالِثُ، ثُمَّ يَنْشَأ قَوْمٌ يَسْبِقُ أَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ، يَشْهَدُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَشْهَدُوا، لَهُمْ لَغطٌ فِى أَسْواقِهِم".
ط، خ في تاريخه، والحاكم في الكنى، قال ابن حجر: إسناده قوى (¬1).
¬__________
(¬1) الأثر في كنز العمال كتاب (النكاح) باب: حق الزوجن: حق الزوج جـ 16 ص 555، 556 رقم 45860 بلفظه وزاد عليه ما بين القوسين.
وعزاه إلى أَبى داود الطيالسى، والبخارى في تاريخه، والحاكم في الكنى، وقال صاحب الكنز: قال ابن الحجر: إسناده قوى.
وانظره في مسند أَبى داود الطيالسى (مسند عمر -رضي اللَّه عنه-) جـ 1 ص 7، 8 قال: حدثنا حماد بن زيد، عن معاوية بن قرة المزنى قال: أتيت المدينة زمن الأقط والسمن، والأعراب يأتون بالبرقاء فيبيعونها، فإذا أنا برجل طامح بصره ينظر إلى الناس، فظننت أنه غريب فدنوت منه، فسلمت عليه، فرد علىَّ، وقال: من أهل هذه أنت؟ قال: نعم، فجلست معه، فقلت: ممن أنت؟ فقال: من هلال، واسمى: كهمس، أو قال: من بنى سلول، واسمى كهمس، ثم قال: ألا أحدثك حديثا شهدته من عمر بن الخطاب؟ فقلت: بلى، قال: بينما نحن جلوس عنده. . . فذكره مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ.
ثم قال: قال لى كهمس: أتخاف أن يكون هؤلاء من أولئك؟ ! =

الصفحة 85