كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

لكن في التتمة أنه إذا حفر بئراً في دهليزه، وغطاه، ثم أذن لإنسان في دخول داره؛ فدخل؛ فوقع في البئر – أن حكمه حكم ما لو خلط السم بطعام، وقدمه إليه، وهذا إن لم يفهم منه القطع بوجوب القصاص هاهنا؛ لكونه هنا مكرهاً بالفعل، وفي مسألة الدهليز هو مكره بالعادة؛ فلا أقل من أن يكون مثله، حتى يجري فيه القولان.
قال: وإن ضرب بطن امرأة؛ فألقت جنيناً ميتاً – وجب ضمانه؛ لما روى أبو داود، عن المغيرة بن شعبة: "أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتاَ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِعَمُودٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: كَيْفَ نَدِي مَنْ لاَ صَاحَ وَلاَ أَكَلَ وَلاَ شَرِبَ وَلاَ اسْتَهَلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الأَعْرَابِ؟، فَقَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ وَجَعَلَهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَرْأَة".
وفي رواية: فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ وَغُرَّةً لِمَا فِي بَطْنِهَا" وأخرجه مسلم والترمذي وغيرهما.
ثم هذه الجناية حكمها حكم الخطأ، أو حكم شبه العمد؟ فيه وجهان:
أحدهما- وهو قول أبي إسحاق-: أنها خطأ؛ لأنه [مات] بسبب الضرب، ولم يباشر بالجناية.
والثاني-وهو قول ابن أبي هريرة -: أنه إذا قصد ضربها فهو شبه عمد، وهذا ما اختاره القاضي أبو الطيب، وذكر أن الشافعي نص عليه؛ لأن ذلك تولد من فعله؛ كما لو ضربه تأديباً؛ كذا حكاه عنه العمراني في الزوائد في دية الجنين، ولا يتصور في الجنين؛ لمحض العمدية؛ لأنه لا يقصد عينه، بل يقصد غيره؛ كذا جزم به الماوردي، والقاضي الحسين وغيرهما.
وفي المهذب أنه يكون عمداً محضاً، إذا قصد الإجهاض، ونحا صاحب التهذيب نحوه.

الصفحة 13