كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

ومعناه: إن اجتهد الرسول، أي: في رعاية الوقت والمكان في تأدية الرسالة – فقد أخطأ، وإن لم يتعرض لتخير زمان ومكان – فقد غش. قال: وهذا بعيد.
والصحيح: انه أراد بما قال عبد الرحمن بن عوف.
وقد أضاف بعضهم إلى القصة: "أن عثمان بن عفان –رضي الله عنه – وافق عبد الرحمن، وأنهم سكتا عند مقالة عليّ – كرم الله وجهه – وذلك يدل على رجوعهما إلى قوله؛ فكان إجماعاً.
قال القاضي أبو الطيب: وهذا بخلاف ما لو بعث إليها السلطان؛ فماتت – لا ضمان؛ لأن الغالب على البالغة العاقلة عدم موتها من ذلك.
ولو لم يبعث السلطان إليها، لكن الرسول انطلق من عند نفسه، على لسانه – وجبت الغرة على عاقلة الرسول.
قال: وإن رمى إلى هدف، فأخطأ؛ فأصاب آدميًّا فقتله – وجبت الدية؛ للآية، وهكذا الحكم فيما إذا رمى إلى صيد؛ فوقع في آدمي.
ولو كان قد أكرهه إنسان على الرمي في هذه الصورة –فهما قاتلان خطأ، وعلى كل [واحد] منهما كفارة، وعلى عاقلة كل منهما نصف الدية، وهل لعاقلة المكره الرجوع بما يغرمونه على المُكرِه؟ قال الرافعي قبيل كتاب الديات: يحتمل أن يقال: لا يرجعون كما لا يرجعون على القاتل في شبه العمد، ويحتمل أن يقال: لا شيء على المكرِه وعاقلته؛ لأن الذي فعله المكرَه غير ما حمله المكرِه عليه.
قال: وإن ختن الحجام، فأخطأ؛ فأصاب الحشفة – وجب عليه الضمان، أي: وتحمله العاقلة؛ لأنه فوت ما لم يؤذن له في تفويته من غير ضرورة.
واعلم أن ما ذكره الشيخ من وجوب الضمان أو الدية على الجاني في هذا الباب، المخاطب بإيفائه العاقلة، عند اعترافها، أو إنكارها وقيام البينة، وهذا الإطلاق مستعمل كثيراً في كلام الأئمة؛ ومنهم الإمام، وقال: لست أعني به: ارتباط الضمان بماله، وإنما نعني به: ارتباط الضمان بعاقلته، ولكن التحفظ عسير في أثناء الكلام.

الصفحة 15