كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

وهذا منه بناء على أن الوجوب يلاقي العاقلة ابتداء، أما إذا قلنا: إنه يلاقي الجاني، وتتحمله العاقلة – كما هو الصحيح- فلا حاجة إلى الاعتذار عن هذا الإطلاق، ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم "مَنْ قُتِلَ [فِي] عِمِيًّا، رَمْيّا بِحَجَرٍ، أَوْ ضَرْباً بِعَصَا – فعليه عَقْلُ الْخَطَأِ"، والله أعلم.
قال: وإن امتنع من الختان، أي بعد وجوب عليه؛ وهو بعد البلوغ؛ فختنه الإمام في حرٍّ شديد، أو برد شديد، فمات – فالمنصوص [عليه] أي في "الأم": أنه يجب ضمانه؛ لظهور التفريط؛ فإن الإمام منهي عن أن يختن في هذين الحالين.
قال: وقيل: فيه قولان.
وجه الوجوب: [ما ذكرناه.
ووجه المنع]: أن إتلافه حصل بفعل ما هو مستحق عليه، وهذا خرج من نص الشافعي في المختصر على عدم وجوب الضمان فيما إذا أقام الإمام الحد في حر شديد أو برد شديد، وفيما إذا أقام الحد على حامل؛ فماتت منه. كما خرج من نصه هاهنا إلى ثَمَّ قولاً بوجوب الضمان.
والقائلون بالطريق الأولى – وهم المُقِرُّون للنصين- قالوا: الفرق من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الحد مقدر بمعلوم، غير مجتهد فيه؛ فلم تضمن سرايته، والختان مجتهد فيه؛ فضمنت سرايته؛ كالتعزير.
والثاني: أن استيفاء الحد إلى الأئمة؛ فإذا أقاموه لم يؤاخذوا بعواقبه، والختان لا يتولاه الولاة، وإنما يتعاطاه المرء في نفسه أو وليه في صباه؛ فإذا خاض الإمام فيه قهراً كان على شرط سلامة العاقبة.
والثالث: أن الختان جرح؛ فالغالب منه التلف والحد ضرب في ظاهر البدن؛ فالغالب منه السلامة.

الصفحة 16