كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

وحكى القاضي أبو حامد في الجامع طريقة ثالثة حكاها ابن الصباغ عنه: أن ذلك ليس على قولين، وإنما أراد في الختان: إذا كان الغالب التلف، وأراد في الحد: إذا كان الأغلب السلامة، وصرح بذلك في الختان، وأطلق في الحد.
والخلاف المذكور في الختان [في] حالة البلوغ – جارٍ فيما إذا جرى من الإمام في حال الصبا أيضاً، عند عدم الوي، كما حكاه الإمام، وقال: إن النص فيه على وجوب الضمان، وذكر قبل ذلك أن النص الذي ذكرناه عن الأم يجري في الأب إذا ختن الطفل في الحر الشديد، والبرد المفرط، وإن جرى خلاف في نفس الضمان عن الإمام، فالأب أولى بانتفاء الضمان عنه؛ فإن الختان في حقه كالحد في حق الإمام؛ من حيث إنه يتولاه، أما إذا ختن الإمام البالغ عند الامتناع في حال الاعتدال، وأدى إلى الهلاك – فلا ضمان [فيه].
وكذا لو ختن الأب الصب، [أو الإمام] الصبي الذي لا ولي له في هذه الحالة، وأدى إلى الهلاك – لا ضمان فيه عند الأصحاب.
وحكى الإمام، عن القاضي أنه قال: الذي أراه: وجوب الضمان فيه، [ورأيته في تعليقه في السلطان خاصة، وقاسه على التعزير، وقال: إنه هل يجب [القود] أم لا؟ يحتمل وجهين؛ بناء على ما لو ضرب رجلاً بإبرة؛ فمات، لأنه لا يخاف منه إلا أن فيه إنهار الدم؛ كذا الختان مثله في الصبي. وقال: إن أصحابنا قالوا على هذا: لو أكره رجلاً على الحجامة؛ فمات منها – ففي وجوب القود وجهان.
ووجه الإمام: [قول القاضي الذي حكاه عنه:] بأنه لا يجب في حق الصبين وليس هو من المعالجات التي لو تركت لجر تركها فساداً في البدن. ثم قال: وهذا في الأب بعيد؛ فإنه قد صح في الخبر: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِأَنْ تُحْلَقَ رَاسُ الْمَولُودِ، وَيُعَقَّ عَنْهُ، وَيُخْتَنَ فِي السَّابعِ مِنْ وِلاَدَتِهِ".

الصفحة 17