كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

قال: وإن حفر بئراً في طريق المسلمين، أي: لمصلحة [نفسه] وسواء كان الناس يتضررونه بالحفر أو لا؛ كما صرح به في المهذب.
قال: أو وضع فيه حجراً، أو طرح فيه ماء، أي: وما في معناه؛ كبوله، أو بصاقه؛ كما حكاه البندنيجي في كفارة القتل.
قال: أو قشر بطيخ، أي: وما في معناه من الكناسات؛ فهلك به إنسان – وجب الضمان؛ لأنه تعدى بذلك؛ فضمن من هلك [به] كما لو جنى عليه، والضمان على العاقلة؛ كما نبهنا عليه من قبل، وصرح به ابن الصباغ وغيره.
وقد جعل الماوردي محل الجزم بوجوب الضمان في البئر، إذا أضر حفرها بالمارة، أو لم يضر، وقصد به التملك، أو لم يصده، ولم يحكم رأسها، وتركها مفتوحة.
وقال فيما إذا أحكم رأسها، وقصد بحفرها اختصاصه بالارتفاق بها؛ إما لحش داره، أو لماء مطرها؛ فإن استأذن الإمام على ذلك لم يضمن.
قال ابن الصباغ: كما يجوز أن يقطع بعض الطريق الواسع لمن يبنيه لنفسه.
قال الرافعي: وهذا ما أورده أصحابنا العراقيون، وتابعهم القاضي الروياني، وصاحب التتمة.
قال الماوردي: [فإن لم] يأذن الإمام، فوجهان: المذكور منهما في تعليق القاضي الحسين، والشامل: الجزم بالضمان. وادعى الإمام [عدم] اختلاف العلماء فيه، وإيراد القاضي يقتضي طرده في حالة الإذن، وهو الذي أورده في التهذيب. وحكى الإمام قطع الأئمة به، وأن في بعض التصانيف حكاية وجه في نفي الضمان، وقال: إنه بعيد عن التحصيل.
وقال البندنيجي في وضع الحجر: لا فرق في الضمان بين أن يكون الطريق ضيقاً أو واسعاً.
وقد ذكر الماوردي تفصيلاً في وضع الطين، ويجب طرده في الحجر، وهو أن الإنسان إذا أخرج من داره طيناً لهدم أو بناء يستعمله حالاً فحالاً: فإن كان الطريق ضيقاً، أو الطين كثيراً – فهو متعد بوضعه فيه؛ فيكون ضامناً لدية التالف، وإن كان الطريق واسعاً والطين قليلاً، وقد عدل [به] عن مسلك المارة إلى

الصفحة 19