كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

فناء داره – لم يضمن؛ لأنه غير متعد، ولا يجد الناس من مثل هذه بدًّا. وقال بعض أصحابنا: يضمن؛ لأنه مباح بشرط السلامة؛ فإذا أفضى إلى الهلاك ضمن؛ كتأديب المعلم. [ثم قال]: وهذا فاسد؛ لما فيه من التسوية [بين المباح] والمحظور.
وما حكاه عن هذا القائل شبيه بما حكاه القاضي الحسين، عن صاحب التلخيص في قشر البطيخ؛ فإنه حكى عنه أنه [قال]: يباح له ذلك بشرط السلامة، وحكى مع ذلك وجهين:
أحدهما: أنه إن ألقاه في زاوية من الشارع، ليست بممرٍّ للناس – فلا ضمان عليه، وهو يجري في القمامات؛ كما صرح به الإمام.
والثاني: إن كان الجانب الذي يلي الباطن، وهو الوجه المأكول يلي الأرض؛ فزلقت به رجل إنسان؛ فتحرك – يلزمه الضمان، وإن لم يتحرك – لا يلزمه [الضمان]؛ لان القشر إذا لم يتحرك – كان سوط تَعثُّر به، لا بسببه.
وإن كان الجانب المأكول يلي الهواء؛ فن لم يتحرك، يلزمه الضمان، وإن تحرك، لم يلزمه؛ لأنه بفعله تحرك؛ فكان السقوط على الأرض لمعنى من جهة الساقط، لا بسبب القشر. وهذا ما حكاه الإمام عن صاحب التلخيص، وطوائف من الأصحاب، [مع] حكاية الوجه الأول، وحكاية وجه آخر حكاه المتولي أيضاً: أنه لا ضمان؛ لأن الشوارع من مرافق الأملاك؛ فلو منع الملاك من طرح الكناسات والفضلات في الطرق الواسعة؛ لضاقت عليهم الأملاك. ثم قال الإمام: ومعظم المحققين [ذهبوا إلى] إبطال تفصيل صاحب التلخيص، والمصير إلى أن الضمان يجب، وهو ما اختاره القاضي الحسين، ثم قال: وعلى هذا لو رش الماء على باب داره، أو حانوته، فمر به مار؛ فزلق ومات، أو انكسرت رجله؛ فإن بالغ، يلزمه الضمان، وإن لم يفرط، بل قص به تسكين الغبار، [أي عن المارين، فالمذهب أنه لا ضمان. وقد قال الإمام بدل هذه العبارة:] إنه كاحتفار البئر؛ لمصلحة المسلمين.

الصفحة 20