كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

الحافر، أو [على] واضع الحديدة؛ [فإنه المتعدي، قال الرافعي: وينبغي أن يقال لا يجب الضمان على الحافر وواضع الحديدة]؛كما لو كان حفر البئر أو وضع السكين في محل عدوان، وحصل حجر على طرفه بمجيء سيل أو بوضع حربي، أو سبع؛ فعثر بالحجر إنسان، ووقع في البئر، أو على السكين؛ فمات، فإنه لا ضمان على أحد؛ كما صرح به القاضي الحسين، والإمام، وغيرهما؛ قياساً على ما لو ألقاه السبع أو الحربي [في البئر]. قال: ويدل عليه – أيضاً – أن المتولي قال: لو حفر في ملكه بئراً، وجاء آخر؛ فنصب فيها حديدة؛ فوقع إنسان في البئر، وجرحته الحديدة؛ فمات –فلا ضمان على واحد منهما: أما الحافر فظاهر، وأما الآخر؛ فلأن الوقوع في البئر هو الذي أفضى إلى الوقوع على الحديدة؛ فكان حافر البئر كالمباشر، [و] الآخر كالمتسبب.
على أن في المسألة التي حكيناها عن القاضي الحسين والإمام وجهاً حكاه المتولي: أنه يجب الضمان على عاقلة الحافر؛ لأنه لا وجه للإهدار، والحافر هو المتعدي.
فروع:
الفرع الأول: لو حفر بئراً قريبة العمق، فعمقها غيره؛ فضمان من تردى فيها على الأول، على وجه، وعليهما على وجه، وهو الأظهر؛ فعلى هذا: في كيفية شركتهما وجهان حكاهما الشيخ أبو عليٍّ:
أحدهما: النصف؛ كما لو مات من الجراحات.
والثاني: يوزع على ذلك الحفر.
الفرع الثاني: إذا حفر بئراً متعدياً، ثم طمها، وجاء آخر، وأخرج ما طمت به؛ فتردى فيها إنسان – فالضمان على الأول؛ لأنه المبتدئ بالتعدي، أو على الثاني؛ لانقطاع أثر الحفر الأول بالطم؟ فيه وجهان عن البيان.
قلت: وهذا الإطلاق فيه نظر، بل كان يجب أن يقال: إن كان الطم وجد بوجه مشروع، فلا وجه إلا تعلق الضمان بالثاني؛ لأن الأول برئ من الحفر بالطم.

الصفحة 23