كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

محل ما ذكره إذا كان لا يضر بالمسلمين، وإلا لم يكن لمصلحتهم، ولم يكن لذكر "الوسع" معنى، وقد صرح الأصحاب كافة بأن الحفر إذا كان مضراًّ بالمسلمين اقتضى الضمان، وإن كان بإذن الإمام؛ لأنه ليس له الإذن إلا فيما فيه مصلحة.
قال: وإن حفر بئراً في ملكه، أو في موات؛ لينتفع بها، أي في مدة مقامه، ثم يتركها للمسلمين؛ كما نبه عليه البندنيجي؛ فوقع فيها إنسان، ومات - لم يضمن؛ لأنه غير متعد بذلك؛ إذ له الانتفاع بملكه، وبالموات.
قال الأصحاب: وعلى الصورة الأخيرة حمل ما رواه مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الْبِئْرُ جَرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جَرْحُهُ جُبَارٌ، وَالْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ".
وذكر الماوردي مع هذا التأويل تأويلاً آخر، وهو أن المراد به: الأجير في حفر البئر والمعدن إذا تلف كان هدراً، ثم قال: ولا يمتنع أن يحمل على عموم الأمرين فيما أبيح فعله، وإن أريد به أحدهما؛ لاشتراكهما في المعنى.
لكنه حكى فيما إذا حفرها؛ لينتفع بها هو والسابلة بدون إذن الإمام في الضمان قولين:
القديم: وجوبه.
والجديد: منعه.
قال: وإن حفر بئراً في ملكه، [أو في طريق ملكه، [واستدعى إنساناً]؛ فوقع فيها؛ فهلك -: فإن كانت ظاهرة، أي: للداخل، لم يضمن؛ لعدم تفريط الآذن، وتفريط الداخل.
وظهورها يكون بأحد أمرين: بأن يكون الداخل بصيراً، والدخول في النهار، وهي في موضع لا ظلام فيه، أو بالليل وقد أعلم بها، وفي معناه الضرير.
قال: وإن كانت مغطاة، أي: ولم يعلم الداخل بها، ولا رأى أثراً يدل عليها، أو كان أعمى - كما قال الماوردي، وكذا البندنيجي في باب ضمان البهائم - ففيه قولان.
وجه المنع - وهو المنصوص هنا؛ كما قاله الماوردي، وأنه الأظهر، وادعى

الصفحة 26