كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

ولم يعلم بأنه عقور، أما إذا علم بذلك فلا يجب الضمان جزماً، وكذا إذا كان مربوطاً في موضع؛ فصار إليه المستدعي، وهو غير عالم بحاله.
ولو أكرهه رب الدار على الدخول، قال الماوردي: فإن اتصل الإكراه بالتلف، فيكون مضموناً بالدية على المكره؛ لتعديه بالإكراه. وإن لم يتصل الإكراه بالتلف ففي استصحاب حكمه وجهان:
أحدهما: أن حكمه مستصحب؛ فعلى هذا يكون مضموناً على المكره.
[والثاني: أن حكمه قد زال بانقطاعه فيكون كغير المكره، والله أعلم].
قال: وإن أمر السلطان رجلاً أن ينزل إلى بئر، أو يصعد إلى نخل؛ لمصلحة المسلمين؛ فوقع؛ فمات- وجب ضمانه؛ لأنه يستحب للمأمور طاعته؛ فإذا فعل، وترتب عليه الهلاك – ضمن؛ لأن الاستحباب مرجح للفعل على الترك في نظر الفاعل؛ كما أن الإكراه الحسي بما يفضي إلى الهلاك مرجح للفعل في نظر فاعله على الترك، وقد قلنا: إن المكره يجب عليه الضمان؛ فكذلك هاهنا.
وما ذكرناه من الاستحباب هو ما صرح به القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ في باب: عدد الخمر، [وكلام الإمام في "التغريب" يقتضي وجوب الفعل على المأمور؛ فإنه قال: إذا استعان الإمام بأحد من المسلمين لزمه الانقياد له].
وقال في التهذيب: إنما يجب ضمانه، إذا قلنا: إن أمر السلطان يكون إكراهاً؛ نظراً إلى سطوته، ووجوب طاعته، وهذا ما اقتصر على إيراده في الجنايات الرافعي، وبعض الشارحين لهذا الكتابن ولو كان هذا المأخذ لما وجب ضمانه عند العراقيين؛ لأنهم لم يجعلوا أمر السلطان إكراهاً.
ثم الضمان على من يجب؟
قال القاضي أبو الطيب وابن الصباغ في هذه الصورة: فيه قولان:
أحدهما: على عاقلته.
والثاني: في بيت المال.
وقالا فيما إذا كان قد أمره بذلك، لخاص نفسه: إنه يكون على عاقلة الإمام، وإن هذا بخلاف ما لو أمره أن يسعى في حاجته؛ فسعى؛ [فعثر] فمات؛ فإنه لا

الصفحة 28