كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

الريح، ولا يطرح في داره ما يتعدى إلى ملك غيره، كذلك هاهنا: إذا كان مستهدماً؛ فالظاهر أنه يتعدى إلى ملك غيره؛ فيمنع.
وقد أبدى المتولي هذا الاحتمال وجهاً، وقال: للجار، والمارة في الشارع المطالبة به؛ لما يخاف منه الضرر؛ فإن لم يفعل حتى سقط؛ فهو كما لو مال فلم ينقضه حتى أتلف.
واعلم أنا حيث نوجب الضمان فيما ذكرناه [والمتلف آدمي يكون على عاقلة صاحب الحائط، كما ذكرناه] من قبل، وإن كان مالاً غير آدمي، كان على صاحب الحائط.
ولو باع الحائط المبني مائلاً، قال صاحب التهذيب: لم يبرأ من الضمان حتى إذا سقط على إنسان؛ فهلك -يكون الضمان على عاقلة البائع.
[قلت: وقد يتخل أن محل ذلك إذا لم يقبض الجدار، أما إذا أقبضه فلا يكون من ضمانه، بل يكون من ضمان المشتري، ولا شك في أن هذا الحكم لا يزول عن البائع؛ إذا لم يقبضه المشتري، أما إذا خلي بينه وبينه؛ فيشبه أن يبني ذلك على أن التخلية في المنقول هل تكون قبضاً أم لا؟ وفيها خلاف، والأصح: أنها لا تكون بضاً؛ فعلى هذا لا يزول الضمان في هذه المسألة عن البائع بالبيع والتخلية؛ لأن الجدار المائل يستحق نقضه؛ فهو كالمنقول.
قد فرعنا على أن التخلية فيه لا تكفي، ويصح جواب البغوي - مطلقاً - وإن قلنا: إنها تكفي، فيكون هاهنا على المشتري، والله أعلم].
قال: وإن وضع جرة على طرف سطح، فرماها الريح؛ فمات بها إنسان - لم يضمن؛ لأنه غير متعد بوضعها في ملكه، ووقوعها كان بغير فعله. وهكذا الحكم فيما لو ابتلَّ موضع الجرة؛ فسقطت، وفيما لو نام على السطح؛ فانهار به الجدار؛ فسقط على إنسان؛ فقتله - لا ضمان عليه، بخلاف ما لو سقط؛ لتقلبه في نومه؛ فإن الضمان ثابت؛ كما حكاه الماوردي.
ولو وضع على طرف سطحه قفصاً فيه قوارير، فهبت الريح وألقته في الشارع، وكاد أن يسقط على أحد؛ فرماه عن نفسه حتى سقط على الأرض، وانكسرت القوارير - قال القاضي الحسين: عليه الضمان؛ لأنه كان من حقه أن يتأخر عنه،

الصفحة 32