كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

ثم القول القديم يجري فيما إذا سقط البارز خاصة، ولفظ الغزالي في هذه المسألة قَلِق؛ فإنه قال: إذا سقط ميزاب إنسان على رأس إنسان: فإن كان الساقط هو القدر البارز فهو كالجناح، وإن كان الساقط جميع الميزاب ففي الضمان وجهان.
وهذا يقتضي الجزم بالضمان فيما إذا سقط البارز خاصة، وإجراء الخلاف فيما إذا سقط الجميع، والمنقول ما ذكرناه، وما يتلف من [الماء الساقط] من الميزاب مضمون على ناصبه.
تنبيه: المئزاب: بكسر الميم، وبعدها همزة، ويجوز تخفيفها بقلبها ياء؛ فيقال: ميزاب – بياء ساكنة- وقد غلط من منع ذلك، ولا خلاف بين أهل اللغة في جوازه.
ويقال أيضاً: مرزاب؛ براء، ثم زاي، وهي لغة مشهورة، قالوا: ولا قال: مزراب، بتقديم الزاي.
وجمع "مئزاب": مآزيب.
قال: وإن كان معه دابة، فأتلفت إنساناً بيدها أو رجلها – وجب عليه الضمان، أي: وتتحمله العاقلة؛ لأنها في يده؛ فكانت جنايتها كجنايته، وهكذا الحكم إذا أتلفت بذنبها أو بفمها، حتى لو ابتلعت جوهرة ضمنها، ولو كانت ما يؤكل، هل يجب ذبحها؟ فيه وجهان في تعليق القاضي أبي الطيب [والمهذب وغيرهما] مبنيان على القولين يمن غصب خيطاً وخاط به جرح حيوان يؤكل.
وقد حكيت في باب الغصب وجهاً عن ابن أبي هريرة فارقاً بي أن تكون الدابة بعيراً؛ فيضمن الجوهرة، أو شاة، فلا.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون الذي مع الدابة راكباً أو قائداً أو سائقاً، ولا بين أن يكون مالكاً أو مستأجراً أو مودعاً أو مستعيراً أو غاصباً.
ولو كان معها قائد، أو سائق، فالضمان عليهما نصفين.
وإن كان أحدهما راكباً، والآخر سائقاً، أو قائداً- اختص الضمان به، على أحد القولين أو الوجهين.
ومقابله هو الأصح في تعليق القاضي أبي الطيب، والأقيس في الشامل.
وهذا كله إذا كانت الدابة طوعاً، أما لو كانت قويت بحيث لا يستطيع ردها، فسنذكرها في مسألة الاصطدام.

الصفحة 35