كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

فيما لو اطلع على دخول البهيمة في زرعه ليلاً، ولم يتعرض لها بإخراج مع إمكانه، وقياس القول الناظر إلى الحديث خلافه.
ولو كثرت المواشي [في النهار]؛ حتى عجز أرباب الزروع عن حفظها – ففي وجوب الضمان وجهان في الحاوي.
ولو ابتلعت البهيمة في النهار جوهرة وشبهها؛ فهل تلحق بالزرع؟ فيه وجهان:
اختيار ابن أبي هريرة: نعم.
واختيار غيره، وهو – كما قال في "المهذب" – أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري، والمختار في [المرشد]: أنه يضمن بكل حال.
وفرق بأن الزرع مألوف [فلزم] صاحبها حفظها، وابتلاع الجوهرة غير مألوف؛ فلم يلزم صاحبها حفظها.
قال: وإن انفلتت بالليل، وأتلفت: فإن كان بتفريط منه في حفظها –أي: مثل أن ترك الباب مفتوحاً، [أو لم] [يعقلها]؛ كعادة أهل تلك الناحية- ضمن، كما لو أرسلها، وإن لم يكن بتفريط [منه]، أي: كما إذا أغلق الباب؛ ففتحه لص، أو وقعت الحائط؛ فخرجتن أو عقل الناقة – كما يفعل أهل البادية – فتمرغت، وحلت العقال – لم يضمن؛ لأنه غير مفرط.
قال الأصحاب: وعلى هذه الحالة ونظائرها حمل قوله صلى الله عليه وسلم:"الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا [جُبَارٌ]، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ" كما رواه أبو داود عن أبي هريرة، وخرجه البخاري، ومسلم، وغيرهم.
لكن أبو داود حمل الحديث على غير هذه الحالة، وقال: العجماء: التي لا يكون معها أحد، وتكون بالنهار، ولا تكون بالليل.
ومعنى جُبار: مهدر.

الصفحة 39