كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

أنه – عليه الصلاة والسلام – قال: "الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ"، وقد روى الشافعي ذلك موقوفاً على أبي بكر – رضي الله عنه –ومنهم من يقول: إنه موقوف على أبي بكر وعثمان، أو أبي بكر وعمر، وأيَّاماً كان فهو دليل؛ لأنه لا مخالف لهما، كما قاله الماوردي.
أما إذا حصلت حيازة [المال] قبل حضوره فقد ذكرنا حكمها في أول الباب.
ولو حضر في أول القتال دون آخره: فإن كان سبب ذلك حدوث موت أو مرض فسيأتي في الكتاب، وإن كان سببه انهزامه لم يستحق، وإن كان سببه انحرافه للقتال أو تحيزه إلى فئة استحق، هكذا أورده الرافعي في هذا الباب، وقال في كتاب السير: إن النص في المتحيز إلى الفئة البعيدة، لا يشارك الغانمين في الغنيمة إن فارق قبل الاغتنام، وإن غُنم شيء دون شيء، لم يبطل حقه فيما غنم قبل مفارقته، ولا شيء له فيما غنم بعدها، وأن بمثله أجاب في المتحرف للقتال، وأطلق بعضهم القول: بأن المتحرف يشارك، وهو ما أورده الإمام. قال الرافعي: ولعله فيما إذا لم يبعد ولم يغب، ويكون النص فيما إذا تحرف للقتال ثم انقطع [عن القوم] قبل أن يغنموا.
ولو كان التحيز لفئة قريبة ففي مشاركته للغانمين فيما غنموه بعد مفارقته وجهان، أشبههما: الاستحقاق، وحكى الإمام الوجهين عن الأصحاب من غير تقييد بقرب ولا بعد، وأبدى لنسه القطع بالمنع عند بعد الفئة، وأنه لا يحل العمل بخلافه، ورد الوجهين إلى حالة القرب بحيث تحصل النجدة به.
ولو حضر في أوله، ثم انهزم، ثم حضر في آخره – ففي "التهذيب": أنه يستحق من المحوز بعد حضوره دون المحوز قبله، وهذا بناء على أن الملك يحصل بالحيازة، أما إذا قلنا: [إنه] يحصل بالقتال، فيستحق نصيبه من الجميع، كما حكيناه عن القاضي الحسين فيما إذا حضر بعد الحيازة وقبل انقضاء الحرب.

الصفحة 495