كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

ولو هرب، ثم ادعى أنه كان متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة، ففي "الوجيز": أنه يصدق بيمينه، وفي "تعليق" القاضي الحسين و"التهذيب": أنه إن لم يعد إلا بعد انقضاء القتال لم يصدق؛ لأن الظاهر خلافه، وإن عاد قبله صدق بيمينه، فإن حلف استحق من الكل، وإن نكل لم يستحق إلا من المحوز بعد عوده، وهذا في صورة يكون الانحراف والتحيز المحقق لا يمنع المشاركة.
واعلم أن ظاهر إيراد الشيخ يقتضي أن أهل الخمس يفوزون بسهامهم قبل قسمة الأخماس [الأربعة] على الغانمين، وليس كذلك؛ بل المذكور في "تعليق" أبي الطيب و"الشامل" و"الحاوي" وغيرها: أن الذي يبدأ به إخراج الخمس بالقرعة كما ذكرناه، ثم يقسم الأخماس الأربعة بين الغانمين قبل أن يقسم على أهل الخمس؛ لمعان ثلاثة: لحضورهم، وغيبة أهل الخمس، وكون ما يأخذونه بسبب جهادهم، فصار كالمعاوضة، وأهل الخمس يأخذون مواساة، ولأن بهم ملك أهل الخمس خمسهم، وكانوا أقوى في الغنيمة منهم.
قال الأصحاب: ويستحب أن يعجل بالقسمة في دار الحرب، فإن أخرها كره إلا أن يكون ثم عذر يقتضي التأخير، صرح به الماوردي وغيره في كتاب السير، وابن الصباغ وغيره في كتاب الزكاة.
قال: ويعطي للراجل سهم، وللفارس ثلاثة أسهم؛ لما روى ابن ماجه عن ابن عمر- رضي الله عنهما – أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ يَومَ خَيْبَرَ لِلْفَارِسِ ثَلاَثَةَ أَسْهُمٍ، لِلْفَرَسِ [سَهْمَانِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ] ".
وفي رواية مسلم والترمذي: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَسَّمَ فِي النَّفْلِ لِلفَرَسِ سَهْمَينِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمَا.
ولفظ البخاري: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لِلفَرَسِ سَهْمَينِ، وَلِصَاحِبِهِ سَهْماً. وفي لفظ آخر: قَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَومَ خَيْبَرَ لِلفَرَسِ سَهْمَينِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْماً،

الصفحة 496