كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

موت الفارس، ولو أفضى ذلك القتال إلى الحيازة ثبت الاستحقاق في الصورتين، وعليه يحمل نصه في صورة الفرس.
وفي "الحاوي" وغيره من كتب المراوزة في مسألة المريض – وراء ما ذكره الشيخ – وجهان:
أحدهما: أنه يستحق السهم؛ عملاً [بظاهر قول الشافعي – رضي الله عنه – في "المختصر".
ولو دخل رجل يريد القتال، فمرض لوم يقاتل، أسهم له، بخلاف ما إذا مات، والفرق: أن الملك له متصور، والرأي والإرهاب به والتكثير حاصل، بخلاف الميت، وهذا أصح عند البغوي كما قاله الرافعي.
وحكى الإمام عن بعضهم القطع بعدم جريانه فيما إذا طرأ الجنون؛ نظراً إلى أن العلة في السهم للمريض: الانتفاع برأيه، وعن آخرين إجراء القول الآخر فيه، وقال: إن هذا المسلك أفقه.
وقد أجرى هذا القول البغوي والقاضي الحسين وغيرهما في الجريح الذي لا يرجى برؤه، وكذلك [ابن] الصباغ، وإن جزم في مسألة المريض بعدم السهم [له] كما ذكرناه، وفرق بأن ذلك مما لا يمكن الاحتراز منه في المحاربة ويكثر وجوده.
والثاني: أنه إن كان يرجى زوال المرض وعوده إلى الصحة: كالحمى الشديدة، ورمد العين، وانطلاق الجوف – يسهم له، وإن كان لا يرجى فلا يسهم له.
وهذا منه دليل على أن في حالة [رجاء البرء وجهين، وكذلك في حالة] عدم رجاء البرء، وقد جزم الإمام وغيره بأن الذي يرجى بره لا يمنع من استحقاق السهم، وأن الوجهين يختصان بالذي لا يرجى برؤه.
ثم ما المراد برجاء البرء؟ قال الرافعي: الأكثرون أطلقوا القول في رجاء البرء [و] عدمه، وحكى بعض [أصحاب الإمام] أن المعتبر رجاء البرء قبل انجلاء القتال. وهذا نم الرافعي دليل على أنه لم يطالع كلام الإمام في ذلك؛ فإنه

الصفحة 503