كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

قال: والصبي؛ لأنه ليس من أهل فرض الجهاد، وقد حصل به تكثير السواد والنفع؛ فلم يسهم له؛ فأرضخ له كالمرأة، ولفظ الشافعي – رضي الله عنه – كما حكاه البندنيجي دالٌّ على أنه – عليه السلام – أرضخ للصبي؛ حيث قال: شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبيد ونساء وصبي، فرضخ لهم.
ولا فرق في ذلك بين أن يأذن له وليه أو لا.
وفي "الحاوي" إلحاق المجنون في الرضخ بالصبي، وادعى أنه - عليه السلام- أرضخ له. وبهذا يظهر لك أنه لا فرق في الصبي بين أن يكون فيه منفعة أو لا منفعة فيه كالمجنون.
وفي"النهاية" حكاية تردد عن الأصحاب في الصبي والمرأة إذا لم يكن فيهما منفعة: فمنهم من قال: لا يرضخ لهما، [وهو] ظاهر القياس، ومنه من قال: يرضخ لهما؛ لكونهما حضرا الوقعة، وعلى هذا ينبغي أن يتخرج الرضخ للمجنون.
[فرع: لو ادعى أنه حال القتال كان بالغاً، فإن حلف استحق، وإن نكل فلا، ومن أصحابنا من قال: يصدق ولا يحلف؛ لأنه إن كان بالغاً فلا حاجة إلى الحلف، وإن قدر صبياًّ فلا حكم لحلفه، قاله مجلي في كتاب الأقضية].
قال: والكافر إن حضر بإذن الإمام، أي: من غير استئجار ولا جعالة، كما نبهنا عليه من قبل.
[والدليل عليه]: ما روي أنه صلى الله عليه وسلم استعان بيهود [بني] قينقاع، فرضخ لهم ولم يسهم.
وعن بعض الشروح حكاية وجه: أنه لا شيء له، وعن أبي إسحاق: أنه إنما يستحق الرضخ إذا قاتل. وهو ظاهر النص في "المختصر"، كما حكاه القاضي أبو الطيب في كتاب "السير"، بخلاف مستحق الرضخ؛ لأن المدفوع إليه في معنى الأجرة فلابد من العمل.
والصحيح: الأول، وعلى هذا: فلو كان الكافر امرأة وقد حضرت بإذن الإمام، ففي استحقاقها الرضخ كالمسلمة وجهان في طريق المراوزة، وأصحهما: أنها تستحق.

الصفحة 505