كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

أما إذا حضر الذمي بغير إذن الإمام، فلا يستحق شيئاً؛ لأنه متهم بموالاة دينه، بل للإمام تعزيره إذا أدى اجتهاده إليهن وفيه وجه حكاه الرافعي: أنه يستحق الرضخ، وهو ما أورده الإمام، ووجهه بأنهم في منصب الذب عنَّا، وهم من سكان ديارنا، ورد التردد إلى حالة منع الإمام لهم من الدخول، وفي "الحاوي" في كتاب السير: أنهم إن قاتلوا أرضخ لهم، وإلا [فلا].
وأما المخذل والمرجف، فقد ذكرنا حكمهما في الباب قبله.
ثم هذا الرضخ مستحق أو مستحب؟ فيه قولان عن رواية أبي الفرج الزاز، والمشهور: الأول؛ لأنه – عليه السلام – لم يترك الرضخ قط، ولنا فيه أسوة حسنة، صلى الله عليه وسلم.
فرع: لو انفرد مستحقو الرضخ بدخول دار الحرب والقتال وحيازة المال، نظر: فإن كانوا من العبيد أو الصبيان أو النسوان خمس، وفي الباقي ثلاثة أوجه في "الشامل" و"النهاية" و"الإبانة":
أحدها- عن أبي إسحاق، وهو الأصح عند القاضي أبي الطيب -: أنه يقسم بينهم كما يقسم الرضخ، على ما يقتضيه الرأي من التسوية والتفضيل.
والثاني: يقسم كالغنيمة: للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهم، وهذا لم يحكه الإمام والفوراني، بل حكيا بدله: أن جميع المال يصرف إليهم من غير إخراج خمسه كالمسروق، [وإن كان الإمام قد ادعى في آخر "النهاية" أنه لا خلاف في تخميس ما انفرد به الصبيان].
والثالث: يرضخ لهم، ويجعل الباقي في بيت المال. قال الإمام: وهذا بعيد غير معقول.
وفي "التهذيب" تخصيص هذا الوجه بالصبيان والنسوان، ولم يذكر في العبيد إلا أنه لساداتهم، ولو كان معهم واحد من أهل الكمال رضخ لهم، والباقي بعد الخمس لذلك الواحد.
ولو كانوا من أهل الذمة وقد فعلوا ذلك: فإن كان بإذن الإمام فالحكم فيما يأخذونه على ما شرطه، وإن كان بغير إذنه ففي "الرافعي" وآخر "النهاية": أنه لا يخمس؛ لأن الخمس حق [يجب] على المسلمين كالزكاة، وحكى ابن الصباغ

الصفحة 506