كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

التسليم الواحد لا يوجب بدلين مختلفين، وأيهما اختار سقط الآخر؛ كما في القصاص والدية، وهذا ما اختاره في "المرشد".
ومحل الأقوال عند الماوردي: ما إذا كان الأجير يقدر على فسخ الإجارة، أما إذا لم يقدر فلا يأتي إلا القولان الأولان.
وقال صاحب "الإفصاح": إن محلها إذا استأجره الإمام لسقي الغزاة وحفظ دوابهم من سهم الصدقات، أما إذا استأجره واحد من الرعية فلا يكون فيها إلا القولان [الأولان]؛ لأن الإجارة لازمة في حق الأجير، ولا معنى لتوفير الأجرة على المستأجر ودفع السهم من نصيب الغانمين. وهذا ما اختاره القاضي أبو الطيب، وحكى الرافعي: أن صاحب "الإفصاح" قال: إن السهم يكون للمستأجر.
وفي "تعليق" القاضي الحسين أن من أصحابنا من قال: محل الأقوال إذا كانت الإجارة على طريق الجعالة، بأن يقول: إن عملت لي شهراً فلك كذا، فأما إذا عقد عقد الإجارة على خدمة مدة؛ فلا يسهم له قولاً واحداً، وله الرضخ؛ لأنه يستحق الخدمة بعقد لازم. ثم قال: وعامة أصحابنا على التسوية بين الإجارتين.
وكذا في "الرافعي": أن الأكثرين أجروها فيما إذا كان المستأجر الإمام أو آحاد الرعية؛ كما أطلقه الشافعي، وقالوا: إن لزوم الإجارة لا يختلف في الصورتين.
وعلى هذا فوقت التخيير – كما ذكره ابن الصباغ – قبل القتال وبعده، فيقال له قبل القتال: إن أردت الجهاد فاطرح الأجرة، وإن أردت الأجرة فاطرح الجهاد، ويقال له بعده: إن كنت قصدت الأجرة فخذها ولا سهم لك، وإن كنت قصدت الجهاد فلا أجرة لكن والمراد: أن الغرض يحصل بكل واحد منهما، لا أنه مخير في الحالين.
والمراد على القول الثالث بسقوط الأجرة: أجرة وقت شهود الوقعة، دون ما قبل مدة خروجه من دار الإسلام أو مدة دخوله دار الحرب؛ لأن استحقاق

الصفحة 509