كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

والوجهان – هاهنا – على ضد ذلك.
وقال الإمام: لا شك أن هذا التردد مرتب على أن الإجارة للجهاد إذا صحت، هل يستحق المجاهد السهم والأجرة، أم لا؟ فإن قلنا: إنه يستحقهما؛ فهاهنا يستحق السهم، وإن قلنا: لا يستحق ثم السهم؛ فهاهنا، هل يستحقه؟ فيه الخلاف، والمذهب: أنه يستحقه.
قال: وفي تجار العسكر – [أي]: كالخبازين والبقالين والسراجين والصاغة، ونحو ذلك ممن جرت عادتهم باتباع العساكر – قولان:
أحدهما: يسهم لهم؛ لأنهم شهدوا الوقعة، وهم من أهل القتال؛ فاندرجوا في عموم الخبر، وهذا أصح في "تعليق" القاضي الحسين في كتاب "السير"، وقيل: إنه كذلك في "حلية" القاضي الروياني.
والثاني: يرضخ لهم، أي: ولا يسهم؛ لان السهم إنما يستحقه المجاهدون، وهؤلاء ليس قصدهم الجهاد، وإنما قصدهم التجارة، وهذه طريقة أبي إسحاق وابن القطان، ولم يورد القاضي الروياني في "الحلية" سواها، ولا فرق فيها بين أن يكون ثَمَّ قتال أو لا؛ كما هو ظاهر [لفظ] "المختصر" حيث قال: ولو دخل تجار فقاتلوا أو لم يقاتلوا، لم أر بأساً أن يسهم لهم، وقيل: لا يسهم لهم.
وفي "النهاية" حكاية وجه عن رواية الشيخ أبي علي والعراقيين: أنه لا يرضخ لهم؛ بناء على أنه لا يسهم [لهم].
وقيل: إن قاتلوا أسهم لهم؛ لأن الجهاد – وهو القتال – قد تحقق منهم، وإن لم يقاتلوا، أي: وشهدوا الوقعة، فعلى قولين، ووجههما ما سبق، وهذه طريقة الشيخ أبي حامد، ولم يحك الماوردي في هذا الكتاب سواها، ووراء ذلك طريقان حكاهما القاضي الحسين وغيره، وثالثة حكاها الماوردي في "السير":
أحدها: أنهم إن قاتلوا استحقوا السهم، وإلا فالرضخ، وهذه اختارها في "المرشد".
والثانية- حكاها ابن الصباغ أيضاً -: [أنهم] إن لم يقاتلوا لم يستحقوا، وإن

الصفحة 511