كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

أوطاس، فغنمت، فأشرك – عليه الصلاة والسلام – بينها وبين الجيش. كذا قاله القاضي الحسين، وكذا لو غنم الجيش شيئاً شاركه السريتان؛ لأنه – عليه السلام – كان في غزوة أوطاس، فبعث سرية إلى حنين، ثم أشركهم فيما أصاب بـ"أوطاس".
و [قد] روى أبو داود عن ابن عمر قال: "بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَيْشِ قِبَلَ نَجْدٍ وَابْتَعَثَ سَرَيَّةً مِنَ الْجَيْشِ، فَكَانَ سُهْمَانُ الْجَيْشِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيراً اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيراً، وَنَفَّلَ أَهْلَ السَّرِيَّةِ بَعِيراً بَعِيراً، وَكَانَ سُهْمَانُهُمْ ثَلاَثَة عَشَرَ [ثَلاَثَةَ عَشَرَ] ".
أما إذا لم يكن الجيش قد خرج إلى العدو، لم يشارك واحدة من السريتين، وإن كان بقربهما بحيث يلحقهما غوثه؛ لأن من فيه غير مجاهد ولا ردء لهم، وقد كانت السرايا تخرج من المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يشركهم المقيمون بها، وأما إحدى السريتين مع الأخرى: فإن كان الأمير عليهما واحداً، أو كانت إحداهما قريبة من الأخرى بحيث تكون عوناً لها اشتركا، وإن لم يكن كذلك فلا شركة.
وفي "الشامل" إشارة إلى خلاف في هذه الحالة؛ فإنه قال: إذا بعث سريتين وهو مقيم، فغنمت أحداهما؛ لم تشركها الأخرى على الصحيح من المذهب.
وفي "الحاوي": [الجزم] بالاشتراك، وقال فيما إذا بعثهما إلى جهتين مختلفتين: إنه لا مشاركة.
نعم، لو انضم من كل سرية طائفة إلى الأخرى، وقصدوا جهة واحدة- اشتركوا فيما أخذوا منها، وهل تشرك بقية كل سرية [الطائفة التي خرجت منها فيما حصل لها؟ فيه وجهان: إن قلنا بالمشاركة شاركتهم الطائفة] – أيضاً – فيما غنموه في حال انفرادهم، وإلا فلا.

الصفحة 514