كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

[قال:] وإن بعث أمير الجيش – أي: بعد خروجه كما ذكرنا – سريتين إلى موضعين، فغنمت أحداهما [شيئاً]؛ اشتركوا فيه؛ لأنه جيش واحد، وهذا ما اختاره في "المرشد".
وقال القاضي الحسين: إنه مذهب الشافعي – رضي الله عنه – ولم يحك سواه، وحكى الإمام عن المراوزة القطع به.
وقيل: ما يغنمه الجيش مشترك بينه وبين السريتين؛ لاعتضاده بهما، وما تغنمه كل واحدة من السريتين يكون بين السرية الغانمة وبين الجيش، لاعتضادها به، ولا تشركها فيه السرية الأخرى؛ لأن أحداهما ليست بأصل للأخرى، بخلاف الجيش.
وذكر القاضي ابن كج – وكذا الإمام – أن شرط الشركة – فيما ذكرناه – أن يكونوا بالقرب مرتصدين للنصرة، وحد القرب: أن يبلغهم الغوث والمدد منهم إن احتاجوا.
قال الرافعي: ولم يتعرض أكثرهم لذلك، واكتفوا باجتماعهم في دار الحرب، وهذا حكاه الغزالي عن القفال واستبعده، وهو في "النهاية" معزي إلى رواية بعض المصنفين عنه.
وقال الإمام – أيضاً – فيما إذا كان المقصد قطراً واحداً بنواحيه: إنه لا يعتبر القرب، وهو مسلك المحققين. واستدل له بالخبر الذي ذكرناه في غنيمة أوطاس؛ فإن بينهما وبين حنين ليالي.
فعلى الأول: لو كانت أحداهما قريبة والأخرى بعيدة، اختصت القريبة بالمشاركة.
تنبيه: السرية، قال ابن السكيت: هي ما بين خمسة أنفس إلى ثلاثمائة.
وقال الخليل: هي نحو أربعمائة، ويعضده ما روى أبو داود عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ

الصفحة 515