كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

كفاياتهم عشرة آلاف، فيفض [جميع] أربعة أخماس الفيء على عشرة أجزاء، ويعطي الأول: عشرها، والثاني: خمسها، والثالث: ثلاثة أعشارها، والرابع: خمسيها، وهكذا يفعل إذا زادوا.
ووراء ما ذكرناه فرعان:
أحدهما: لو عجز مال الفيء عن كفاية الجند، قال الماوردي: فعلى القول الأول: لا شيء لهم غيره في الحال [والمآل]، وعلى الثاني: يبقى ديناً لهم على بيت المال، قال القاضي الحسين: فإن كان فيه شيء من مال المواريث والوصايا التي فاضت على مصرفها، صرفها إليهم.
الثاني: لو فضل بعد الصرف للأجناد قدر كفاياتهم، والصرف في جهات المصالح في ذلك الوقت قدر حاجتها بحيث لم يبق مصرف فضل، وقلنا: إن الأخماس الأربعة للمصالح، فماذا يصنع به؟ فيه وجهان حكاهما ابن الصباغ والقاضي الحسين وكذا الماوردي وغيره:
أحدهما: يستبقي في بيت المال؛ لأنه قد تنفق مصلحة فيكون معداً لها.
والثاني: أن يرده إلى الجيش بقسطه على أرزاقهم.
وعلى هذا قال الماوردي: ففي كيفية الرد إليهم وجهان:
أحدهما: أنه معونة لهم لا تحسب عليهم.
والثاني: يرد إليهم سلفاً معجلا، يحتسب به عليهم من رزق العام الثاني.
وحكى الإمام: أن ظاهر نص الشافعي –رضي الله عنه – والمشهور في كتابه: أن الفاضل عن قدر الكفاية ووجوه المصالح يخرج ولا يدخر منه شيء ما وجد مصرفاً [له، فيبدأ ببناء] رابطات ومساجد على حسب الرائي فيها؛ تأسيا بسيرة الشيخين؛ فإنهما ما كانا يدخران مال سنة [قط]، بل كانا يصرفان مال كل سنة إلى مصارفه.
وعلى هذا إن ألمت ملمة – والعياذ بالله تعالى – [وتعين] القيام بها، فإنه يخاطب [بها أهل] الثروة من المسلمين، وقال: إن الإمام إذا رأى أن يصرف من الفاضل عن كفاية المرتزقة شيئاً للمطوعة بالقتال، فلا معترض عليه.

الصفحة 522