كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

واعلم أنه لا فرق في إعطاء الأجناد قدر الكفاية بين أن يكون بهم حاجة، أو لا، كما إذا كانوا موسرين من أهل الثروة؛ كما حكاه الإمام على القولين معاً، والله أعلم.
قال: ويبدأ فيه، أي: في العطاء للمرتزقة، بالمهاجرين؛ لأن الله – تعالى- شهد لهم بالصدق، وبنصرة دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأثنى عليهم بطلب فضله ورضوانه، وقدمهم في الذكر على غيرهم في قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ ...} [الحشر: 8]، وقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ} [التوبة:100]، فكانوا جديرين بالتقديم فيما نحن فيه.
والمستحق لهذا الاسم – كما حكاه الشيخ زكي الدين في "حواشيه على مختصر السنن" له-: أهل مكة، الذين هاجروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم [قبل الفتح؛ لوجوب البقاء عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم]، والتحول معه حيث تحول، وادعى بعضهم الإجماع عليه، ولوجوب أصل الهجرة عليهم [والاختلاف في وجوبها على غيرهم، والمراد بالمقدمين هنا: أولادهم كما بينه الأصحاب في] كتاب الصلاة.
قال: ويقدم القرب فالأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه – عليه الصلاة والسلام – سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ؛ كما نطق به الخبر الصحيح، والقرب من الشريف تشريف؛ فاستحق به التقديم، وأيضاً ما سنذكره من فعل عمر، رضي الله عنه.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي – وهو الذي جدد بناء الكعبة بعد إبراهيم عليه [الصلاة و] السلام – ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
واختلف النسابون من علماء الشريعة فيمن هو قريش من أجداده صلى الله عليه وسلم على أقوال:
أصحها – وهو قول الشعبي -: أنه النضر بن كنانة.
قال الأستاذ أبو منصور: وهو قول أكثر النسابين، وبه قال الشافعي وأصحابه.

الصفحة 523