كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

عدي على بني سهم وبني جمح؛ لأن حفصة منهم، وعمر – رضي الله عنه – لما قسم سامح بحقه، فأخرهم وقدم بني جمح، وسوى بين بني سهم وبني عدي، فلما ولي المهدي أمير المؤمنين قدم بني عدي على بني جمح وبني سهم؛ لما ذكرناه، ولسابقة عمر، رضي الله عنه.
قال: ثم بالأنصار، أي: من الأوس والخزرج؛ لقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ} [التوبة: 100]، ولأن لهم من الأثر في الإسلام ما ليس لغيرهم؛ فإنهم آووا ونصروا، وآثروا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على أنفسهم بالأنفس والأموال، وقد روي أنه – عليه السلام – قال لهم حين وجدوا في أنفسهم –لما أعطي غيرهم من مال هوازن ولم يعطهم -: "ألا تجيبوني يا معشر الأنصار، أما والله لو شئتم لقلتم – ولصدقتم -: "أتيتنا مكذباً فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآمناك، وعائلاً فآسيناك، يا معشر الأنصار، وجدتم في أنفسكم للعاعة من الدنيا، تألفت بها قوماً أسلموا ووكلتكم إلى إيمانكم، أفلا ترضون عنا يا معشر الأنصار أن يرجع الناس بالشاء والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَولاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ؛ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ، وَلَو سَلَكَ النَّاسُ شِعْباً [وَالأَنْصَارُ شِعْباً] لَسَلَكْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الأَنْصَارِ وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ! " فبكى القوم حتى اخضلت لحاهم، وقالوا: رضينا بالله قسماً وحظَّا.
واللعاعة: خسيس الثمر، وقيل: أوائل البقل عند طلوعه.
واعلم أن ظاهر كلام الشيخ دال على أن البدأة بالمهاجرين، ثم يقدم من

الصفحة 526